في ظل التطورات السياسية الأخيرة في تركيا، كتبت ديليك إمام أوغلو، زوجة رئيس بلدية إسطنبول وأحد أبرز مرشحي المعارضة للانتخابات الرئاسية، مقالًا في صحيفة “ذا إيكونوميست” البريطانية، سلّطت فيه الضوء على ملابسات اعتقال زوجها، وتحولات المشهد السياسي في تركيا.
وأكدت ديليك إمام أوغلو التي تقدم كأحد الشخصيات البديلة للسباق الرئاسي في حال استمرار اعتقال زوجها، أن الاعتقال لم يحقق الغاية المرجوة منه، بل أدى إلى استنهاض ملايين المواطنين الذين يرون في قضيته نقطة تحول مصيرية في مسيرة الديمقراطية التركية.
تصاعد الضغوط منذ فوز 2019
أوضحت ديليك إمام أوغلو أن الضغوط التي يتعرض لها زوجها تعود إلى عام 2019، عندما نجح في إلحاق هزيمة بالحزب الحاكم في الانتخابات البلدية وانتزع رئاسة بلدية إسطنبول من حزب العدالة والتنمية. ومنذ ذلك الحين، بات هدفًا لحملات التشويه والدعاوى القضائية، وهي الضغوط التي بلغت ذروتها في الأشهر الأخيرة. وتشير إلى أن الاتهامات الموجهة إليه، ومن بينها إبطال شهادة تخرجه الجامعية بعد أكثر من ثلاثة عقود، تكشف عن الطابع السياسي للملاحقات التي تهدف إلى إقصائه عن المشهد العام.
رمزية الاعتقال والتداعيات السياسية
ترى ديليك إمام أوغلو أن اعتقال زوجها لم يكن مجرد إجراء قانوني، بل محاولة واضحة لإرهاب المعارضة وإسكات الأصوات الداعية إلى التغيير. ومع ذلك، أكدت أن هذا الإجراء جاء بنتائج عكسية، حيث دفع ملايين الأتراك إلى التعبير عن غضبهم واستيائهم، متجاوزين الحدود الحزبية والجغرافية، معتبرين أن القضية لم تعد تخص فردًا واحدًا، بل تعكس تراجع سيادة القانون وتضييق مساحة حرية التعبير في البلاد.
صعود حزب الشعب الجمهوري والأمل في التغيير
على الرغم من الأجواء السياسية القاتمة، شدّدت ديليك إمام أوغلو على أن هناك بوادر أمل ملموسة، إذ تمكن حزب الشعب الجمهوري من تحقيق نجاحات بارزة في الانتخابات المحلية لعام 2024، ليصبح الحزب السياسي الأبرز في البلاد. واعتبرت أن نتائج الانتخابات تعكس رغبة المواطنين في إنهاء حقبة من الحكم الفردي، وتعزز مكانة إمام أوغلو كرمز للتغيير المنشود.
معركة من أجل الديمقراطية
ترى ديليك إمام أوغلو أن زوجها لم يعد مجرد مرشح سياسي، بل أصبح رمزًا يمثل الملايين الذين يتطلعون إلى إدارة عادلة وحكم رشيد. وأكدت أن دعم 15 مليون مواطن لترشيحه للرئاسة يعكس حجم التأييد الشعبي الواسع له. وشدّدت على أن الاعتقالات وحملات القمع لن تثني الشعب عن المطالبة بحقوقه الديمقراطية، مستشهدة بتاريخ تركيا الذي شهد محاولات مشابهة لتقويض الإرادة الشعبية لكنها باءت بالفشل.
العدالة والضمير لا يُقيدان
اختتمت ديليك إمام أوغلو مقالها بالتأكيد على أن المعركة الحالية ليست مجرد صراع سياسي، بل قضية تتعلق بالمبادئ الأساسية للديمقراطية. ولفت إلى أن “العدالة لا يمكن حظرها، والضمير لا يمكن اعتقاله”، معربة عن ثقتها بأن تركيا، رغم الظرف السياسي الصعب، ستتجاوز هذه المرحلة وستستعيد إرادتها الديمقراطية. ورأت أن هذا النضال ليس فقط وفاءً لإرث مؤسسي الجمهورية، بل هو أيضًا التزام تجاه الأجيال القادمة التي تتطلع إلى مستقبل تسوده الحرية والعدالة، على حد تعبيرها.

