أفادت تقارير إعلامية تركية بأن وزارة العمل التركية فرضت عقوبات مالية على ست بلديات تديرها المعارضة الرئيسية، حزب الشعب الجمهوري، بهدف تحصيل ديون مستحقة للحكومة.
وتشمل البلديات المتأثرة، وفق التقارير، بلديات كبرى مثل إسطنبول وأنقرة وأضنة ومرسين، إضافة إلى بلدية شيشلي في إسطنبول، بسبب عدم تسديد أقساط التأمين الاجتماعي.
تفاصيل العقوبات المالية
وفقًا للتقارير الصادرة يوم الاثنين، شملت العقوبات حجز الحسابات المصرفية للبلديات والشركات التابعة لها، مما أدى إلى تجميد أنشطتها المالية. وتُعد بلدية أنقرة الأكثر مديونية للحكومة بين البلديات الست، حيث بلغت ديونها المستحقة 5.7 مليارات ليرة تركية (163 مليون دولار). تلتها بلدية إزمير بديون قيمتها 5.3 مليارات ليرة، ثم بلدية إسطنبول بـ 3.3 مليارات ليرة.
موقف المعارضة
نفت بلدية إسطنبول وحزب الشعب الجمهوري صحة التقارير التي تتحدث عن فرض عقوبات مالية على البلديات الست. وأصدرت بلدية إسطنبول بيانًا عبر منصة “إكس” أكدت فيه عدم وجود أي حجز على حساباتها المصرفية أو حسابات الشركات التابعة لها.
من جانبه، قال نائب رئيس مجموعة حزب الشعب الجمهوري، جوكهان جونايدين، في تصريحات متلفزة: “حتى الآن، لا توجد إجراءات ضد أي من بلدياتنا. ما ينشره بعض الصحفيين قد يكون مستندًا إلى معلومات من الداخل، لكن بعد تواصلنا مع رؤساء البلديات المعنية، تأكدنا من عدم حدوث ذلك حتى الآن. ومع ذلك، هذا لا يعني أنه لن يحدث”.
تصريحات أردوغان وتصعيد التوتر
تأتي هذه المزاعم عقب تصريحات حديثة للرئيس رجب طيب أردوغان، وجه خلالها وزير العمل فيدات إيشيكهان إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد البلديات المعارضة بسبب ديونها المستحقة. وفي اجتماع وزاري عقد في 9 ديسمبر، قال أردوغان: “سيكون من المفيد أن تهزّهم بشكل أكثر حزماً”.
كان أردوغان قد أشار في يوليو الماضي إلى أن وزارة المالية تعمل على خطة لتحصيل ديون البلديات، مما أثار قلق حزب الشعب الجمهوري الذي وصف تلك التحركات بأنها “انقلاب مالي” ضد البلديات التي تديرها المعارضة.
خلفية النزاع
حقق حزب الشعب الجمهوري انتصارًا تاريخيًا في الانتخابات المحلية في 31 مارس، حيث حصل على 37.7% من الأصوات، مقابل 35.4% لحزب العدالة والتنمية الحاكم. هذا الانتصار أتاح للحزب السيطرة على مدن كبرى مثل إسطنبول وأنقرة للمرة الأولى منذ 47 عامًا.
اتهم حزب الشعب الجمهوري أردوغان بالسعي إلى شلّ البلديات المعارضة ماليًا كنوع من الانتقام لهزيمة حزبه في الانتخابات، ومنعها من تقديم الخدمات للسكان بهدف تشويه سمعتها.
في نوفمبر الماضي، أصدرت الحكومة مرسومًا رئاسيًا ينص على خفض التمويل العام للبلديات وشركاتها التابعة لتعويض ديونها المستحقة. كما أطلق المدعون العامون تحقيقات مع ثلاث بلديات تابعة لحزب الشعب الجمهوري بتهم تتعلق بالإنفاق غير القانوني والديون المتراكمة.
من جهته، وصف عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، هذه التحقيقات بأنها “مضايقات قضائية” بأوامر حكومية، منتقدًا السلطات القضائية لتجاهلها البلديات التي يديرها حزب العدالة والتنمية. واتهم الحكومة بمحاولة “تشويه السمعة” بشكل ممنهج ضد البلديات المعارضة.
تتزايد المخاوف من أن هذه الإجراءات قد تضعف البلديات المعارضة، مما يعوق قدرتها على تقديم الخدمات للمواطنين ويعزز حالة الاستقطاب السياسي في البلاد. وتثير هذه التطورات أسئلة حول مدى استخدام الحكومة للضغوط المالية والقضائية كأدوات سياسية ضد خصومها.