في مقابلة حصرية مع صحيفة “يني شفق” التركية المقرّبة من الحكومة التركية، صرّح أحمد الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، بأن تركيا، التي وفّرت الملاذ الآمن لملايين السوريين خلال الحرب الأهلية، ستكون لها الأولوية على الدول الأخرى في إعادة إعمار سوريا الجديدة.
وأشاد الجولاني بالدور التركي في دعم الشعب السوري، معتبرًا أن العلاقة بين البلدين ستشهد تعاونًا وثيقًا في المرحلة القادمة، خاصة بعد سقوط نظام الأسد الذي استمر قرابة خمسة عقود.
جاء ذلك بعد سيطرة تحالف الفصائل السورية المعارضة، بقيادة هيئة تحرير الشام، على مدينة حلب والتقدم سريعًا نحو دمشق، مما أدى إلى انهيار حكم عائلة الأسد في الثامن من ديسمبر.
أولوية تركيا في إعادة الإعمار
في حديثه مع ياسين أقطاي من صحيفة “يني شفق”، أوضح الجولاني أن تركيا، التي استقبلت الملايين من اللاجئين السوريين واحترمت حقوقهم، قد أثبتت أنها الشريك الأكثر صدقًا للشعب السوري. وأضاف: “آمل أن لا تنسى سوريا هذا الكرم التركي، وسيكون لتركيا الأولوية في إعادة بناء الدولة السورية الجديدة، بما يشمل العلاقات التجارية والتعاون الاقتصادي.”
وأشار الجولاني إلى ثقته في قدرة تركيا على تقديم خبراتها في التنمية الاقتصادية لسوريا، مؤكدًا أهمية الحفاظ على الروابط الاجتماعية بين الشعبين. وأردف قائلًا: “هذا الانتصار ليس فقط للشعب السوري، بل هو انتصار أيضًا للشعب التركي، لأنه يمثل انتصارًا للمظلومين على الظالمين.”
عودة اللاجئين واستقرار سوريا
وحول خطة الحكومة السورية الجديدة لإعادة اللاجئين، خاصة أولئك المقيمين في تركيا، شدّد الجولاني على ضرورة توفير بيئة مناسبة لعودة المواطنين إلى وطنهم. وأوضح أن هذا يتطلب بناء مساكن عالية الجودة، وتقديم خدمات أساسية، والعمل على تطوير الاقتصاد، معربًا عن اعتقاده أن ما لا يقل عن نصف اللاجئين سيعودون إلى سوريا بأعداد كبيرة بمجرد توفر هذه الظروف.
وأضاف أن الأولوية الفورية للقيادة الجديدة تتمثل في استعادة الاستقرار وتقديم الخدمات الأساسية، مثل الأمن، والكهرباء، والغذاء، والوقود، مما يعيد الثقة للسكان ويشجعهم على العودة.
توثيق جرائم النظام وإحياء الذاكرة
سلّط الجولاني الضوء على الفظائع التي ارتكبها نظام الأسد، خاصة في سجن صيدنايا، حيث نُفّذت عمليات إعدام جماعية وتعذيب ممنهج. وأكد أهمية توثيق هذه الجرائم لضمان عدم تكرارها، داعيًا إلى محاسبة المسؤولين عنها، لا سيما الجلادين. كما اقترح تحويل سجن صيدنايا إلى متحف يُخلد ذكرى جرائم النظام ضد الشعب السوري، ليكون شاهدًا على تلك الفترة المظلمة.
أسباب سقوط النظام واستراتيجية النصر
في حديثه عن الأسباب التي أدت إلى السقوط السريع للنظام، أرجع الجولاني ذلك إلى التخطيط الاستراتيجي والعزيمة الشعبية، نافيًا وجود أي اتفاقيات خارجية مع دول مثل روسيا أو إيران. وبيّن أن الثورة السورية قامت على أساس أخلاقي، مشددًا على أن هدفها كان إزالة الظلم وليس السعي للانتقام. وقال: “لقد حاربنا لإنهاء الظلم، وليس للانتقام. الرحمة كانت مفتاح انتصارنا.”
مرحلة جديدة من التعاون
مع تركيز القيادة السورية الجديدة على إعادة الإعمار، يبدو أن المرحلة القادمة ستشهد تعاونًا إقليميًا ودوليًا لإعادة بناء سوريا وضمان حقوق شعبها. وتؤكد تصريحات الجولاني على أهمية الدور التركي في تحقيق هذا الهدف، مما يعكس تطلعات الشعب السوري إلى مستقبل مستقر ومزدهر.