اعتقلت السلطات التركية تسعة محتجين بعد مقاطعتهم خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي خلال منتدى النسخة الإنجليزية لقنوات تي آر تي الرسمية في إسطنبول، متهمين الحكومة بمواصلة التجارة مع إسرائيل رغم الحظر المفروض منذ مايو ردًا على العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وقعت الحادثة يوم الجمعة الماضي أثناء الكلمة التي ألقاها أردوغان في إسطنبول، حيث اتهم المحتجون إدارته بالنفاق، مرددين شعارات مثل: “السفن تحمل القنابل إلى غزة” و”الصهاينة يواصلون عملياتهم في بحارنا وموانئنا”.
رد أردوغان على الاتهامات قائلاً: “لا تصبحوا أداة ولسانًا للصهاينة هنا. بغض النظر عن محاولاتكم للتحريض، لن تنجحوا. الصهاينة حول العالم يعلمون جيدًا موقف طيب أردوغان.”
قامت قوات الأمن باعتقال تسعة أشخاص وجهت إليهم لاحقًا تهمة “إهانة الرئيس” وفقًا لقانون العقوبات التركي، إضافة إلى المشاركة في مظاهرة غير قانونية، وأحالت النيابة العامة في إسطنبول المحتجين إلى محكمة جنائية مع طلب احتجازهم على ذمة المحاكمة.
اتهمت النيابة المجموعة بالتصرف بـ”تنظيم منسق”، مشيرة إلى وجودهم داخل وخارج مكان انعقاد المنتدى. ومن بين الشعارات التي اعتبرتها النيابة جنائية: “من النهر إلى البحر، فلسطين الحرة”، “أوقفوا تغذية الإبادة الجماعية”، و”لماذا يتم إرسال النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل؟”
استمرار التجارة مع إسرائيل تحت المجهر
جاء الاحتجاج وسط أدلة متزايدة تشير إلى استمرار شحنات النفط الخام من ميناء جيهان التركي إلى إسرائيل، على الرغم من إعلان الحظر في مايو.
وكشف تقرير صادر عن حملة “أوقفوا تغذية الإبادة الجماعية” عن تتبع حركة ناقلات النفط من جيهان إلى إسرائيل. وباستخدام صور الأقمار الصناعية وبيانات الشحن، أكد الباحثون أن ناقلة النفط “سي فيغور” قامت بتحميل النفط الأذربيجاني في جيهان في 28 أكتوبر.
أغلقت الناقلة نظام تعقبها في شرق البحر الأبيض المتوسط في 30 أكتوبر، وظهرت مجددًا قرب صقلية بعد أسبوع، حيث يُعتقد أنها أفرغت حمولتها. أظهرت صور الأقمار الصناعية لاحقًا أن الناقلة رست في محطة EAPC قرب أشكلون في إسرائيل بتاريخ 5 نوفمبر.
تتناقض هذه النتائج مع تصريحات وزير الطاقة التركي، الذي نفى وجود أي شحنات نفط إلى إسرائيل منذ بدء الحظر.
يُذكر أن ميناء جيهان هو نقطة النهاية لخط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان (BTC) الذي ينقل النفط الخام من أذربيجان، والذي يشكل حوالي 30% من واردات إسرائيل من النفط الخام.
وتشير التقارير إلى أن صادرات أذربيجان من النفط إلى إسرائيل تضاعفت أربع مرات هذا العام، حيث ارتفعت من 523,554 طنًا في يناير إلى 2,372,248 طنًا في سبتمبر.
انتقادات وتداعيات
أثار استمرار التجارة مع إسرائيل انتقادات النشطاء الذين يجادلون بأن النفط الخام من خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان يتم تكريره ويُستخدم لتزويد المعدات العسكرية الإسرائيلية بالوقود. ودعت المجموعات المناصرة لفلسطين تركيا إلى تطبيق الحظر والمواءمة بين سياساتها ودعمها المعلن لفلسطين.
وحذر الخبراء من أنه إذا قررت محكمة العدل الدولية أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، فإن من يساهم في توريد الوقود قد يُعتبر متواطئًا في عدم منع الإبادة الجماعية.
وأثارت الاعتقالات غضبًا بين مجموعات حقوق الإنسان والنشطاء. وانتقد المعارضون حكومة أردوغان بقمعها أصوات الاحتجاج في الوقت الذي تسمح فيه باستمرار تجارة تتناقض مع خطابها المؤيد لفلسطين.