دعت الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، اليوم الاثنين، إلى وقف جميع العمليات العسكرية في البلاد ومدّت يدها إلى السلطات الجديدة في دمشق.
وفي مؤتمر صحفي عقد في الرقة، طالب حسين عثمان، رئيس المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية، بـ”وقف العمليات العسكرية على كامل الأراضي السورية لفتح المجال أمام حوار وطني شامل وبنّاء”.
سياق الدعوة
تأتي هذه الدعوة بعد أكثر من أسبوع على سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، إثر هجوم خاطف قادته فصائل إسلامية مسلحة سيطرت خلاله على مناطق واسعة من البلاد. في الوقت نفسه، شنت مجموعات موالية لأنقرة هجومًا على القوات الكردية قرب الحدود التركية، حيث أعلنت سيطرتها على منطقتي منبج وتل رفعت، وهما من أبرز المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الأكراد في شمال سوريا.
الأكراد، الذين تعرضوا لتمييز خلال أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد، يخشون أن يخسروا المكاسب التي حققوها خلال الحرب، بما في ذلك حكمهم الذاتي المحدود.
المطالب الكردية
أكد عثمان، في بيانه، أن “الإقصاء والتهميش السياسي اللذين دمّرا سوريا يجب أن ينتهيا، وعلى جميع القوى السياسية أن تعمل معًا لإعادة بناء سوريا جديدة”.
ودعت الإدارة الذاتية إلى عقد “اجتماع طارئ في دمشق يضم القوى السياسية السورية لتوحيد الرؤى بشأن المرحلة الانتقالية”، مشددة على ضرورة “الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية وحمايتها من هجمات تركيا ومرتزقتها”.
كما دعت الإدارة الكردية إلى “التوزيع العادل لثروات البلاد ومواردها الاقتصادية”، حيث يسيطر الأكراد على مناطق غنية بالنفط في سوريا.
الوضع الميداني
أعلنت القوات الكردية، يوم الأربعاء، عن توصلها إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة أمريكية مع المقاتلين المدعومين من تركيا في مدينة منبج، ذات الأغلبية العربية، بعد معارك أسفرت عن مقتل 218 شخصًا على الأقل.
في غضون ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الفصائل الموالية لتركيا تستعد لشن هجوم على مدينة كوباني (عين العرب) الحدودية، التي تعد رمزًا للمقاومة الكردية.
الخلفية الدولية والإقليمية
لعبت قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، التي يقودها الأكراد وتُعد جيشهم الفعلي، دورًا محوريًا في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا عام 2019 بدعم أمريكي، مما وضع واشنطن في مواجهة مع أنقرة، حليفتها في الناتو.
تعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب (YPG)، التي تُشكل جزءًا رئيسيًا من قوات سوريا الديمقراطية، امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK) المحظور، والذي يخوض تمردًا مسلحًا ضد الدولة التركية منذ عقود. ولهذا، نفذت تركيا منذ عام 2016 عدة عمليات عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية.
وفي تطور لافت، كانت تركيا من أوائل الدول التي أعادت فتح سفارتها في دمشق بعد الإطاحة بنظام الأسد، مما يعكس تغييرًا في موقفها السياسي تجاه الملف السوري.