حثّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاتحاد الأوروبي على دعم مشاريع جديدة تهدف إلى تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم عقب التغيير في النظام السوري.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين اليوم الثلاثاء، وجّه أردوغان انتقادات للمجتمع الدولي بسبب تقصيره في دعم السوريين بشكل كافٍ طوال السنوات الـ13 الماضية من الحرب. وقال: “لم يقدم المجتمع الدولي الدعم المطلوب بينما كانت سوريا تواجه فظائع جماعية. الحل يكمن في المساهمة في إعادة إعمار سوريا وتحقيق استقرارها.”
وأشار أردوغان إلى ضرورة إطلاق مبادرات جديدة بدعم من الاتحاد الأوروبي لتشجيع العودة الطوعية للاجئين، وأضاف: “لقد نفذنا العديد من المشاريع المشتركة مع الاتحاد الأوروبي خلال هذه الأزمة الإنسانية الممتدة. واليوم، نتطلع إلى مشاريع جديدة تجعل عودة اللاجئين حقيقة واقعة.”
جاءت هذه التصريحات في ظل تصاعد الجهود الدبلوماسية عقب انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أنهى عقودًا من حكم عائلة الأسد. وجاء سقوط الأسد بشكل مفاجئ بعد هجوم سريع قادته جماعة هيئة تحرير الشام، ما أعاد تشكيل المشهدين السياسي والإنساني في سوريا.
وتقدّر الأمم المتحدة أن ما يصل إلى مليون نازح سوري قد يعودون إلى وطنهم خلال النصف الأول من عام 2025. ورغم الاحتفاء بزوال نظام الأسد، حذرت الأمم المتحدة من التسرع. وقالت ريما جمصي، مديرة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مفوضية اللاجئين: “لا يزال من المبكر تحديد مدى الأمان هناك، ويجب ألا يُجبر أحد على العودة.”
من جانبها، أشادت فون دير لاين بالدور المحوري الذي تلعبه تركيا في إدارة أزمة اللاجئين، مشيرة إلى جهودها طويلة الأمد، حيث قالت: “استضافت تركيا ملايين اللاجئين منذ عام 2011، والاتحاد الأوروبي يقدّر هذه الشراكة الحيوية”.
كما أعلنت فون دير لاين عن تخصيص مليار يورو إضافية (1.09 مليار دولار) لعام 2024 لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة، مشيرة إلى أن كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي سيزور دمشق قريبًا للمشاركة في جهود إعادة الإعمار.
على الصعيد المحلي في تركيا، تزايدت الضغوط بشأن قضية اللاجئين، إذ جدد أوزغور أوزيل، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، دعواته لإنهاء وضع الحماية المؤقتة للسوريين قائلا: “حان الوقت لعودة السوريين إلى ديارهم. لم يعد هناك نظام الأسد، ولا مبرر لبقائهم هنا”.
تستضيف تركيا حاليًا أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري، وهو العدد الأكبر مقارنة بأي دولة أخرى. وبينما تؤكد حكومة أردوغان على أهمية العودة الطوعية لضمان الاستقرار الإقليمي، تطالب أحزاب المعارضة بتسريع إعادة اللاجئين، مشيرة إلى الأعباء الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة.
في الوقت نفسه، لا تزال المخاوف قائمة بشأن الوضع الإنساني والحوكمة المجزأة في سوريا. ورغم الآمال التي أثارها سقوط الأسد، نزح أكثر من مليون شخص داخل سوريا خلال الأسابيع الأخيرة.
وأكد أردوغان أن تعزيز العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي ضرورة لمعالجة هذه التحديات، مشددا على أهمية إحراز تقدم في تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي وتخفيف متطلبات التأشيرات للمواطنين الأتراك.
يُذكر أن الاتحاد الأوروبي قدم أكثر من 10 مليارات يورو (10.9 مليار دولار) كمساعدات للاجئين منذ عام 2011، كجزء من اتفاقيات إدارة الهجرة المشتركة مع تركيا.