دعا الفرع الألماني لمنظمة “مراسلون بلا حدود” يوم الثلاثاء السلطات التركية إلى استعادة الوصول إلى حسابات الصحفيين جان دوندار وأمبرين زمان على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بالإضافة إلى الإفراج عن كاظم غوليتشوز، رئيس تحرير صحيفة “يني آسيا”، الذي اعتُقل في أكتوبر بسبب تقديمه التعازي في وفاة فتح الله كولن القائد الروحي لحركة الخدمة.
وتأتي هذه القيود على الحسابات كجزء من حملة أوسع لقمع منصات التواصل الاجتماعي في تركيا، حيث فُرضت قيود الشهر الماضي على أكثر من 100 حساب تعود لصحفيين ونشطاء ومؤسسات إعلامية. ومن بين هذه الحسابات تلك الخاصة بصحفيين يعيشون في المنفى، مثل جان دوندار، وجوهري جوفين، وسيفينتش أوزارسلان، بالإضافة إلى منصة “بولد ميديا” الإعلامية التي تنتقد الحكومة.
بررت الحكومة التركية هذه الإجراءات بأنها تهدف إلى منع ما سمته “الدعاية الإرهابية” في إشارة منها إلى حركة الخدمة، رغم أنها تنفي باستمرار أي علاقة لها بالإرهاب، مؤكدة أن أنشطتها تركز على التعليم والحوار بين الأديان والعمل الإنساني، ولم تتورط في أي عمل إرهابي طيلة تاريخها الممتد لأكثر من نصف قرن. وعلى الرغم من تصنيف أنقرة للحركة كمنظمة إرهابية، إلا أن هذا التصنيف لا يحظى باعتراف واسع، حيث تدعمه قلة قليلة من الدول أو الهيئات الدولية.
تأتي هذه القيود على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت تتزايد فيه سيطرة الحكومة التركية على المنصات الرقمية. وغالبًا ما تُبرر السلطات هذه الإجراءات بأسباب غامضة مثل تهديد الأمن القومي أو النظام العام، لكن جماعات حقوق الإنسان تصفها بأنها أدوات لإسكات المعارضين. ووفقًا لتقرير “فريدم هاوس” لعام 2024، صُنفت تركيا كأقل دول أوروبا حرية في استخدام الإنترنت.
وأكد مراقبون أن قرار الحكومة التركية بمنع الوصول إلى حسابات أكثر من 100 صحفي يستهدف على وجه الخصوص قطع الصلة بين صحفيي المنفى المؤثرين وأتباعهم في الداخل التركي، والحيلولة دون الوصول إلى المعلومات والتحليلات التي ينشرونها عبر حساباتهم، لتكون الرواية الرسمية للأحداث هي السائدة بين المعارضين أيضًا.
اعتقال كاظم غوليتشوز أثار مخاوف إضافية بشأن تقلص مساحة حرية التعبير في البلاد. وجاء اعتقاله ضمن موجة من الاعتقالات استهدفت أشخاصًا قدموا تعازيهم أو أثنوا على حركة الخدمة عقب وفاة قائدها الروحي فتح الله كوان. ورغم عدم وجود أدلة تربطهم بأي أنشطة عنف، إلا أن الحكومة التركية صورت هذه الأفعال على أنها دعم للإرهاب.
من جانبها، دعت منظمة “مراسلون بلا حدود” الحكومة التركية إلى وقف حملتها الرقابية واستعادة الوصول إلى الحسابات المقيدة، كما طالبت بالإفراج الفوري عن غوليتشوز وإنهاء ملاحقة الصحفيين والنشطاء بسبب منشوراتهم على الإنترنت.
ومع ذلك، تعرضت “مراسلون بلا حدود” لانتقادات تتهمها بازدواجية المعايير في الدفاع عن حرية الصحافة، حيث يُزعم أنها تتجاهل معاناة الصحفيين الذين تصنفهم أنقرة تحت “التصنيف الكولني”.
وعلى الرغم من الدعوة الأخيرة للفرع الألماني للمنظمة، لم تشمل الحملة أسماء بارزة مثل الصحفيين جوهري جوفين وسيفينتش أوزارسلان، اللذين يقيمان في ألمانيا ولديهما مئات الآلاف من المتابعين.
أخيرًا، أشار مراقبون إلى أن السياسات الصارمة لتركيا تجاه حرية الإعلام ورصدها المكثف للنشاط الرقمي ستؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية وتضر بسمعتها العالمية في احترام القيم الديمقراطية.