أفادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” (HRW) بأن هجومًا بطائرة مسيّرة نفذته قوات “الجيش الوطني السوري” المدعومة من تركيا، استهدف سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الكردي في شمال سوريا في 18 يناير، معتبرةً ذلك “جريمة حرب واضحة”.
وقع الهجوم أثناء نقل سيارة الإسعاف لطفلة مصابة نتيجة هجوم سابق استهدف محتجين عند سد تشرين، حيث قُتل ما لا يقل عن ستة أشخاص وأُصيب 16 آخرون. وبينما كانت سيارة الإسعاف تسير قرب قرية “حُريّة”، على بعد 30 كيلومترًا من السد، تعرّضت لضربة جوية أدت إلى تطاير أبوابها وتحطم نوافذها، مما أسفر عن إصابة أحد أفراد الطاقم الطبي بجروح طفيفة، فيما نقلت الطفلة المصابة إلى سيارة أخرى بأمان.
الهجوم على المحتجين عند سد تشرين
سبق هذا الاستهداف هجوم آخر استهدف المحتجين الذين تجمعوا عند سد تشرين للتنديد بالهجمات المتكررة التي تشنها القوات المدعومة من تركيا، وللتحذير من مخاطر إلحاق الضرر بالسد، وهو مصدر رئيسي للمياه والكهرباء لأكثر من 413,000 شخص. وأظهرت لقطات مصورة، تم التحقق من صحتها، سقوط قنبلتين صغيرتين من الجو وسط المحتجين الذين كانوا يؤدون رقصة كردية تقليدية، مما أدى إلى وقوع خسائر بشرية كبيرة. كما نُشر مقطع فيديو على قناة تابعة للجيش الوطني السوري على تطبيق “تلغرام”، يحتفي بالهجوم.
الأضرار الكارثية المحتملة لسد تشرين
يُذكر أن السد خرج عن الخدمة منذ 10 ديسمبر بسبب الأضرار الناجمة عن الاشتباكات بين القوات المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (SDF) المدعومة من الولايات المتحدة. وحذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن أي ضرر إضافي قد يؤدي إلى فيضان كارثي له عواقب إنسانية وبيئية وخيمة.
تكرار الهجمات واستهداف المدنيين
بحسب قوات سوريا الديمقراطية، فقد أسفرت أربع ضربات جوية نفذتها تركيا والجيش الوطني السوري في يناير عن مقتل 20 شخصًا وإصابة أكثر من 120 آخر. وقد وصفت الصحفية جيان خليل، التي كانت توثق الاحتجاج، الهجوم بأنه “وحشي للغاية” ووقع “دون أي تحذير مسبق، مستهدفًا المدنيين مرتين متتاليتين”.
إدانة دولية ومسؤولية تركيا
علّقت هبة زيدين، الباحثة البارزة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، قائلةً: “تُظهر هذه الهجمات نمطًا واضحًا ومقلقًا من الاعتداءات غير المشروعة على المدنيين والمرافق المدنية، بل ويبدو أن الفاعلين يحتفلون بها”. وأضافت أن تركيا، باعتبارها الداعم الرئيسي للجيش الوطني السوري، تتحمل مسؤولية كبح هذه الانتهاكات، وإلا فإنها قد تكون متواطئة في هذه الجرائم، على حد تعبيرها.
انتهاك للقانون الدولي الإنساني
وفقًا للقانون الدولي الإنساني، فإن سيارات الإسعاف والطاقم الطبي يتمتعون بحماية كاملة ولا يجوز استهدافهم، سواء كانوا يقدمون العلاج للمدنيين أو المقاتلين. كما تحظى السدود والمنشآت الحيوية الأخرى بحماية خاصة، نظراً لما قد يترتب على استهدافها من كوارث إنسانية واسعة النطاق.
يُذكر أن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وثّقت سابقًا انتهاكات متعددة في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية شمالي سوريا، شملت الاعتقالات التعسفية والتعذيب والهجمات المتكررة على المدنيين، مما يزيد من المخاوف بشأن استمرار هذه الانتهاكات دون محاسبة.

