وسط حملة تضييق سياسية وقضائية آخذة في التوسع ضد المعارضة التركية، وجّه زعيم حزب الشعب الجمهوري (CHP) المعارض، أوزجور أوزيل، دعوة مباشرة إلى محرم إينجه، رئيس حزب الوطن (MP) والمرشح الرئاسي السابق، للعودة إلى صفوف الحزب الأم، في محاولة لرص الصفوف وتوحيد الكلمة قبيل استحقاقات سياسية مرتقبة.
دعوة للعودة إلى “البيت العائلي“
خلال لقاء جمع بين أوزجور أوزيل ومحرم إينجه في مقر حزب الوطن بالعاصمة أنقرة، أطلق زعيم حزب الشعب الجمهوري نداءً رمزياً وصف فيه حزبه بأنه “البيت العائلي” لجميع من يتبنون مبادئ مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك.
وقال أوزيل بعد الاجتماع: “ندعو الجميع للعودة إلى البيت العائلي. إذا كان هناك كيان سياسي يُعد امتداداً لإرث مصطفى كمال أتاتورك، فهو حزب الشعب الجمهوري. وأقرب حزب إليه في هذا المسار هو حزب الوطن ومحرم إينجه“.
إينجه: “سأعود إلى قيادة الحزب للتشاور“
من جانبه، عبّر إينجه عن تقديره الكبير لهذه الزيارة، مشيراً إلى أنه سيناقش الأمر مع قيادة حزبه قبل اتخاذ أي قرار رسمي. وأضاف: “في الأيام المقبلة، سأجتمع مع الهيئة التنفيذية لحزبي للاستماع إلى آرائهم، وسأقوم بزيارة جديدة للسيد أوزيل في أقرب وقت“.
محرم إينجه كان قد خاض الانتخابات الرئاسية لعام 2018 مرشحاً عن حزب الشعب الجمهوري، وحصل على نسبة 30.6% من الأصوات، قبل أن ينشق عن الحزب عام 2021 ويؤسس حزب الوطن. وفي انتخابات 2023، أعلن ترشحه للرئاسة لكنه انسحب قبل موعد الاقتراع بمدة قصيرة، مع بقاء اسمه على ورقة التصويت.
السياق السياسي: قمع متصاعد ومعركة مفتوحة
تأتي هذه المبادرة في لحظة حرجة، حيث تشهد تركيا تصعيداً في الضغوط القانونية ضد رموز المعارضة. ففي مارس الماضي، تم اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في 19 من الشهر ذاته، بتهم فساد اعتُبرت على نطاق واسع ذات دوافع سياسية، نظراً لكونه أبرز خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان في السباق الرئاسي المتوقع عام 2028.
التحقيق القضائي توسع ليشمل 47 مسؤولاً معارضاً، بينهم رؤساء بلديات وموظفون إداريون، وأسفر حتى الآن عن اعتقال 30 شخصاً. وتتهم المعارضة الحكومة باستغلال القضاء لتفكيك صفوفها، تمهيداً لفرض انتخابات مبكرة وتعزيز هيمنة السلطة التنفيذية.
محاولات لإعادة بناء الصف المعارض
في هذا المناخ المضطرب، ينظر كثيرون إلى مبادرة أوزجور أوزيل تجاه محرم إينجه كجزء من مساعٍ أوسع لإعادة ترتيب البيت المعارض، وتجاوز الخلافات القديمة التي أدت إلى انشقاقات في صفوف المعارضة في السنوات الأخيرة. وفي هذا السياق، صرح إينجه قائلاً: “علينا أن نتجاوز الأحقاد القديمة ونركز على أهدافنا المشتركة“.
ورغم عدم اتخاذ قرار نهائي بعد، فإن عودة إينجه إلى حزب الشعب الجمهوري قد تمثل تحولاً مهماً في مشهد المعارضة، وتفتح الباب لتحالفات أقوى أمام ما يصفه المراقبون بـ”التحول السلطوي” في السياسة التركية.

