أعلنت إحدى مستشفيات إسطنبول، يوم السبت، وفاة السياسي البارز سرّي ثورَيّا أوندار، نائب رئيس البرلمان التركي وعضو حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب عن عمر يناهز 62 عامًا، وذلك بعد صراع استمر أسبوعين ونصف مع تداعيات جراحة قلبية أُجريت له عقب إصابته بسكتة قلبية في 15 أبريل الماضي.
ردود الفعل الرسمية والحزبية
أثار خبر وفاة أوندار موجة من الحزن في تركيا، وشمل ذلك الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي كان قد اتصل بابنة أوندار سابقًا لمتابعة حالته الصحية عن كثب، وأعرب لاحقًا عن “حزنه العميق”، مؤكدًا ثقته بأن تركيا ستحقق حلمها في إنهاء الإرهاب، وهو الهدف الذي كرس أوندار حياته من أجله.
نشأته ومسيرته النضالية
وُلد أوندار عام 1962 في مدينة أديامان ذات الغالبية الكردية بجنوب شرق تركيا، وسط عائلة ذات خلفية اشتراكية، فتشرب الثقافتين التركية والكردية معًا. دخل السجون لأول مرة بعمر 16 عامًا لمشاركته في تظاهرة، ثم اعتُقل مجددًا بعد انقلاب 1980 العسكري، حيث قضى سبع سنوات في السجن وتعرض للتعذيب. قبل دخوله عالم السياسة، عمل في مهن متعددة شملت التصوير الفوتوغرافي والقيادة والبناء والصحافة، كما كتب ومثّل في الفيلم السينمائي “بَينَلميلَل” (الدولي) الصادر عام 2006، والذي تناول قمع اليسار بعد انقلاب 1980.
دوره كوسيط سلام
برز أوندار خلال مسيرته السياسية، ولا سيما بعد دخوله البرلمان عام 2011، كوسيط رئيسي في جهود السلام مع حزب العمال الكردستاني المحظور (PKK). وكان ضمن وفد صغير من حزب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب زار زعيم الحزب المسلح عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي ثلاث مرات هذا العام في إطار مبادرة جديدة أطلقتها أنقرة لإنهاء صراع أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص.
وفي إحدى زياراته في 27 فبراير، عاد الوفد برسالة تاريخية من أوجلان يدعو فيها مقاتليه إلى إلقاء السلاح. قال أوندار آنذاك: “سأكون ساعي بريد السلام إن لزم الأمر، وسأبذل حياتي من أجل ذلك.”
شخصيته ومواقفه البارزة
اشتهر أوندار بشخصيته العنيدة وحسه الفكاهي الجريء، مما أكسبه احترامًا واسعًا. وخلال احتجاجات غيزي بارك عام 2013، التي انطلقت للاعتراض على تحويل مناطق خضراء إلى مراكز تجارية، وقف أمام الشرطة هاتفًا: “أنا أيضًا أمثل الأشجار!”
وفي 2018، وقبيل دخوله السجن بتهمة “نشر دعاية إرهابية”، قال مبتسمًا: “قد تبدو الأحداث محبطة، لكنها في الحقيقة تمهيد لأيام أفضل.”
إرثه السياسي والإنساني
أشاد زملاؤه بدوره في كسر الحواجز المجتمعية والسياسية، فقد وصفه عبد الله أوجلان بأنه شخصية قادرة على “تفكيك الأحكام المسبقة داخل المجتمع والبرلمان والشارع، وتحويل الظروف السلبية إلى فرص إيجابية دون تعميق الأزمات.” كما اعتبره عدد من السياسيين “خبيرًا حقيقيًا في محاورة الجميع.”

