تقرير: ياوز أجار
كشف الصحفي التركي المعروف جوهري جوفين عن مقاطع فيديو وصور توثق لقاء بين زعيم تنظيم الجريمة المنظمة علاء الدين شاكجي وأوغون ساماست، قاتل الصحفي أرمني الأصل هرانت دينك في عام 2007.
الجدير بالذكر أن زعيم المافيا علاء الدين شاكجي خرج من السجن في 2020 بفضل قانون اقترح “عفوا عاما جزئيا” نفذته حكومة حزب العدالة والتنمية بالاتفاق مع حليفه حزب الحركة القومية، بل بطلب خاص من زعيمه دولت بهجلي، وذلك ليكلفه بقيادة عالم المافيا في تركيا، على حد تعبير الصحفي جوفين، المعروف باطلاعه الواسع على ما وراء الأحداث في تركيا، علما أن قانون العفو المذكور لم يشمل عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين من أمثال الزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش وأتباع حركة الخدمة.
وأشار الصحفي جوفين، إلى أن زعيم المافيا شاكجي ينفذ “مهمة” كلفه بها زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، والتي تتمثل في جولات داخلية في تركيا بهدف قمع أي ردود فعل شعبية قد تنجم عن استراتيجيات جديدة متعلقة بدعوته زعيم حزب العمال الكردستاني المسلح عبد الله أوجلان المعتقل منذ أكثر من عقدين إلى البرلمان ليعلن عن حل حزبه المسلح والانضمام إلى حزب المساواة والديمقراطية للشعوب العامل تحت سقف البرلمان.
في مقطع فيديو نشره على قناته على يوتيوب بعنوان “لقاء جمع بين القتلة”، شارك جوفين لقطات تُظهر لقاء شاكجي مع ساماست، الذي خرج من السجن العام الماضي، وأكد في منشور على منصة “إكس” أن الاثنين قاما بجولة مشتركة شملت مدينتي طرابزون وريزا المعروفتين بالمشاعر القومية المتشددة.
وقال جوفين: “بهجلي أوكل إلى علاء الدين شاكجي مهمة زيارة المدن ذات الطابع القومي. هذه صور خطيرة”، مؤكدًا أن اللقاء بين زعيم المافيا شاكجي والقاتل المأجور ساماست جاء ضمن مهمة محددة تهدف إلى التصدي لأي رد فعل شعبي على التغيرات السياسية المتعلقة بعبد الله أوجلان عبر استخدام العنف.
كما لفت جوفين إلى أن شاكجي يسعى من خلال جولاته الداخلية إلى بناء تنظيمات جديدة تعتمد على المجموعات القومية، وذكر أنه بدأ جولاته الرمزية من مدينة سامسون، التي وصفها بأنها “نقطة الانطلاق الأولى لمصطفى كمال أتاتورك”، وتابع: “شاكجي قال لمحيطه:’لقد تلقينا مهمة وطنية‘، ولكن الحقيقة هي أن الأمر يتعلق بمصالح مشتركة”، على حد تعبيره.
وأوضح جوفين، الذي يعد من أكثر الصحفيين والمحللين السياسيين المؤثرين في المنفى، أن شاكجي لم يلقَ الترحيب المتوقع في طرابزون بسبب هيمنة “عائلة سارال”، التي تعتبر من أكبر شبكات المافيا في تركيا.
بحسب جوفين، عندما انتقل شاكجي إلى مدينة ريزا، كان أوغون ساماست برفقته في سيارته الخاصة وفقاً للمزاعم، مضيفًا أن ساماست ظهر في صور مع شاكجي خلال الزيارة إلى ريزا يظهر فيها الطرفان يتبادلان الحديث وجها لوجه.
وأعرب الصحفي المخضرم عن مخاوفه من وقوع عمليات اغتيال صاخبة مماثلة لمقتل الصحفي أرمني الأصل هرانت دينك، على يد أوغون ساماست، من أجل توجيه السياسة والرأي العام إلى “الأهداف المقصودة” في الوقت الحساس الذي يطالب فيه دولت بهجلي، حليف الرئيس رجب طيب أردوغان، بالتفاوض مع عبد الله أوجلان في إطار ما يسمى “عملية السلام الجديدة”، بعد فشل سابقتها في 2015، رغم مسؤوليته عن مقتل عشرات الآلاف من المواطنين.
كل من شاكجي وساماست من أشجار الغابة ذاتها، وأن قوى الظلام “القومية المتطرفة” تواطأت مع مثيلاتها في الجهاز البيروقراطي، وسلطت ساماست وهو في 17 من عمره، على الكاتب الصحفي هرانت دينك، أكثر الأرمن الداعمين للسلم والسلام بين الشعب الأرمني والتركي، على حد وصف جوفين، محذرًا من تكرار سيناريو مشابه في هذا التوقيت الحساس الذي تمر به تركيا.
وذكر جوفين أيضًا أن الرئيس أردوغان استغل قضية اغتيال هرانت دينك في إطار أهدافه السياسية، حيث أفرج عن جميع المحرضين من عصابة أرجنكون، التي تعتبر نفسها “الدولة العميقة”، على هذا الاغتيال من جانب، واعتقل من جانب آخر جميع أعضاء الجهاز البيروقراطي الذين كشفوا عن خيوط المؤامرة وألقوا القبض على القاتل ساماست والذين استأجروه عقب الحادثة مباشرة، متهما إياهم بالانتماء إلى حركة الخدمة، ولا يزالون في السج حاليا.
وكان دولت بهجلي وجه أمس “تهديدًا” للقنوات التي انتقدت دعوته لعبد الله أوجلان، خاصة قناة خلق تي في قائلاً: “أريد أن أوضح أننا نراقب بعناية أولئك الذين يحملون أجندات معادية لحزب الحركة القومية، وأشباه المعلقين الجهلة والمتغطرسين، ووسائل الإعلام التي تفتح المجال للهجوم علينا، خاصة قناة خلق تي في. سنحاسب هؤلاء الأفراد والمؤسسات في الوقت والمكان المناسبين، الاعتذارات التي تُقدّم سرًا بعد حملات التشويه العلنية لن تُقبل”.
من جهته، قال الكاتب الصحفي المنفي الآخر آدم ياوز أرسلان إن لقاء شاكجي مع ساماست في طرابزون ونشره للصور هو بمثابة دعمه لساماست وتبني “ماضيه” الملطخ بالدماء، مردفًا بقوله: “على الرغم من أن أردوغان وبهجلي يرفضان أمام الكاميرات وجود خلافات ومشكلات بينهما، غير أن قاعدة حزب الحركة القومية تستعد لأيام صعبة، وتتعاون مع تنظيمات المافيا في الساحة السياسية. أمثال هذه اللقاءات كانت تعقد قديما خلف الأبواب المغلقة وبسرية تامة، لكن الآن لم يعد هناك حاجة لإخفائها”، مما يدل على احتمالية صراع قادم بين الحليفين.