في خطوة غير مسبوقة، أعلن حزب الشعب الجمهوري (CHP) وحزب المساواة والديمقراطية للشعوب (DEM) عن مقاطعة جلسات البرلمان التركي لمدة أسبوع، وذلك احتجاجاً على عزل عدد من رؤساء البلديات المنتخبين.
تأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت وزارة الداخلية التركية يوم الاثنين عن عزل ثلاثة رؤساء بلديات من حزب المساواة والديمقراطية للشعوب المؤيد للأكراد في كل من ماردين وباتمان ومنطقة حلفتي في محافظة شانلي أورفا ذات الأغلبية الكردية، بدعوى صلاتهم بمنظمة إرهابية، وبالتحديد حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا من قبل تركيا ومعظم حلفائها الغربيين.
وكانت وزارة الداخلية قد اتخذت هذه الخطوة بعد أقل من أسبوع من اعتقال رئيس بلدية أسنيورت في إسطنبول من حزب الشعب الجمهوري، أحمد أوزر، وتوجيه اتهامات له بالضلوع في أنشطة إرهابية، مما أدى إلى عزله أيضاً من منصبه وتعيين أوصياء بدلاً من جميع رؤساء البلديات المعزولين.
وقد تسببت هذه الإقالات في اندلاع احتجاجات واسعة النطاق في إسطنبول والمناطق ذات الأغلبية الكردية في الجنوب الشرقي، حيث اجتمع متظاهرون، بمن فيهم نواب ومسؤولو الحزبين، للتنديد بما وصفوه بأنه “انقلاب على إرادة الشعب”.
من جهتها، صرحت غولستان كوچيغيت، نائب رئيس كتلة حزب المساواة والديمقراطية للشعوب في البرلمان، أن حزبها لن يشارك في جلسات البرلمان هذا الأسبوع، كما أضافت أن رئيسي الحزب، تولاي حاتم أوغولّاري وتونجر باقرهان، سيزوران كلا من باتمان وماردين، حيث سيعقد اجتماع كتلة الحزب الأسبوعي في ماردين يوم الثلاثاء.
وأشارت أيضاً إلى أن نواب الحزب سينضمون إلى المتظاهرين في البلديات التي شهدت عزل رؤسائها تضامناً معهم.
وفي ذات السياق، أعلن حزب الشعب الجمهوري عن عدم حضور نوابه لجلسات البرلمان هذا الأسبوع أيضاً، كما نظم أنصار الحزب ومسؤولوه احتجاجات أمام مبنى بلدية أسنيورت في إسطنبول تنديداً بعزل رئيس البلدية أحمد أوزر.
وسافر زعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزل، إلى مدينة ماردين للتعبير عن دعمه لرئيس بلديتها المعزول، أحمد ترك، الذي يبلغ من العمر 82 عاماً.
وصرح أوزل للصحافة بأن الأكراد قد انتخبوا أحمد ترك مراراً على مدى الخمسين عاماً الماضية، واصفًا إياه بـ”حمامة سلام” وداعمٍ دائم للحوار ووسائل السلام لحل قضايا الأكراد في تركيا، حيث يُقدر عددهم بنحو 20% من السكان.
وإلى جانب ماردين، من المتوقع أن يزور أوزل أيضاً باتمان وحلفتي للتعبير عن دعمه لرؤساء البلديات المعزولين هناك.
في المقابل، أكد عبد الله غولر، مسؤول بارز من حزب العدالة والتنمية الحاكم، على أن تعيين الأوصياء سيستمر ضمن إطار القانون، مؤكداً أن البلديات ليست “أماكن للحرية” لارتكاب الجرائم.
ووفقاً للسلطات التركية، فقد جرى عزل رؤساء البلديات الأربعة بسبب إدانات وتهم تتعلق بالإرهاب، بما يشمل الانتماء إلى جماعة مسلحة ونشر دعاية لحزب العمال الكردستاني المحظور.
يشار إلى أن حزب العمال الكردستاني قد خاض تمرداً ضد الدولة التركية لعقود، مما أسفر عن مقتل الآلاف، ويصنَّف كجماعة إرهابية من قبل تركيا وحلفائها الغربيين.
وقد شهدت السنوات السابقة عزل العديد من رؤساء البلديات المؤيدين للأكراد على خلفية اتهامات مشابهة. ورغم هذه الإجراءات، دعا الرئيس رجب طيب أردوغان مؤخراً إلى التواصل مجدداً مع المجتمع الكردي.
يذكر أن حزب الحركة القومية، حليف الحزب الحاكم، دعا إلى عملية أخرى ضد بلدية إسطنبول الكبرى، وبلديات معارضة أخرى، بدعوى صلتها بالإرهاب أيضًا، بعد اعتقال رئيس بلدية “أسنيورت” بتهمة التعاون مع حزب العمال الكردستاني المحظور.
ومن اللافت أن اعتقال رئيس بلدية “أسنيورت”، وعزل رؤساء بلديات كردية بدعوى الصلة بالإرهاب، والمطالبة بإطلاق تحقيق في البلديات المعارضة الأخرى، يأتي في الوقت الذي دعا زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي، حليف الرئيس رجب طيب أردوغان، زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبد الله أوجلان إلى البرلمان لينادي فيه المليشيات المسلحة إلى ترك السلاح وحل حزبهم.