تعتزم تركيا بناء 11 سجنًا جديدًا بحلول عام 2027، في خطوة يرى المنتقدون أنها تعكس تفاقم قضايا حقوق الإنسان وعدم معالجة الأسباب الجذرية لاكتظاظ السجون، بحسب تقرير صادر عن مركز ستوكهولم للحرية.
تزايد أعداد السجناء
تشمل المرحلة الأولى من المشروع إنشاء سجون في مدن سييرت وأوشاك وبارطن ونيغدة، ذلك في ظل ارتفاع غير مسبوق في أعداد السجناء خلال فترة حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث ارتفع العدد من 59,429 سجينًا في عام 2002 إلى أكثر من 356,865 سجينًا بحلول سبتمبر 2024. وتشير تقارير حقوقية إلى أن السجون التركية تعاني من معدل اكتظاظ يصل إلى نحو 20 بالمئة فوق طاقتها الاستيعابية.
ظروف السجون وحقوق السجناء
أدى الاكتظاظ إلى ظروف قاسية في العديد من السجون، منها ضعف الوصول إلى الرعاية الصحية، وندرة المساحات المعيشية، ورداءة المرافق الصحية، مما يفاقم مخاطر تفشي الأمراض والأزمات النفسية، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفًا مثل النساء، والأطفال، والسجناء السياسيين.
وتشير الإحصائيات الصادرة عن جمعية المجتمع المدني في نظام العقوبات إلى أن 759 طفلًا دون سن السادسة يعيشون مع أمهاتهم داخل السجون، ضمن إجمالي 16,039 سجينة في البلاد.
رؤية الحقوقيين للأزمة
يرى المدافعون عن حقوق الإنسان أن اكتظاظ السجون يرتبط بشكل وثيق بحملة الاعتقالات الجماعية التي أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016. وقد اعتُقل عشرات الآلاف بموجب تهم تتعلق بالإرهاب، مما أدى إلى زيادة ملحوظة في أعداد السجناء. واتهمت منظمات دولية، مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، تركيا بقمع المعارضة وتقييد حرية التعبير.
ما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة
في أعقاب محاولة الانقلاب، أعلنت الحكومة التركية حالة الطوارئ ونفذت حملة تطهير واسعة في مؤسسات الدولة تحت ذريعة مكافحة الانقلاب، مسفرة عن فصل أكثر من 130,000 موظف حكومي، من بينهم 4,156 قاضيًا ومدعيًا عامًا، بالإضافة إلى 24,706 من أفراد القوات المسلحة، وذلك من خلال مراسيم الطوارئ التي لم تخضع لأي رقابة قضائية أو برلمانية.
يرى مراقبون أن بناء السجون الجديدة يعكس نهجًا مستمرًا لتوسيع البنية العقابية بدلاً من معالجة الأسباب الحقيقية وراء الاكتظاظ، مثل تقييد الحريات السياسية، وإساءة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب. وبينما تتجه تركيا لتعزيز نظامها العقابي، يبقى السؤال حول مدى استدامة هذا النهج في ظل الانتقادات المتزايدة من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية.

