تشير البيانات الحديثة إلى أن تركيا تعيش أزمة متفاقمة في مؤشرات الحياة اليومية، انعكست بشكل مباشر على فئات واسعة من المجتمع، وفي مقدمتها المتقاعدون. فقد أصبحت ظروف المعيشة أكثر صعوبة بفعل التدهور الاقتصادي وتصاعد المخاطر الأمنية، ما أدى إلى تراجع البلاد إلى مراتب متأخرة خلف دول نامية مثل غواتيمالا ونيكاراغوا وناميبيا.
موقع تركيا في التقييمات الدولية
أظهر التقرير العالمي للتقاعد الصادر عن وحدة الاستخبارات العالمية أن تركيا جاءت في المراتب الأخيرة ضمن التصنيف الذي شمل أربعاً وأربعين دولة. وحلت البلاد في المركز الثالث والثلاثين، وهو موقع يعكس قصوراً كبيراً في سياسات الرعاية الاجتماعية.
وقد اعتمد التقرير على معايير متعددة، أبرزها جودة الحياة، ونظام الضرائب، ومستوى الأمن الاجتماعي. وفي المقابل، تصدرت البرتغال القائمة، تلتها موريشيوس وإسبانيا وأوروغواي والنمسا وإيطاليا. أما اليونان فجاءت في مرتبة متقدمة نسبياً، تلتها الأرجنتين ثم فرنسا.
المثير للاهتمام أن دولاً مثل الإكوادور وسريلانكا والسلفادور وسيشيل ونيكاراغوا تقدمت على تركيا في مستوى رفاه المتقاعدين، ما يعكس حجم الفجوة بين الواقع المحلي والمعايير العالمية.
أزمة الأمن وتداعياتها الاجتماعية
كشف التقرير عن نتائج صادمة فيما يتعلق بمؤشر “الأمن والاندماج”، حيث احتلت تركيا المرتبة الأخيرة. وجاءت النمسا في الصدارة، تلتها البرتغال وسلوفينيا. وحتى بلدان ارتبطت بظواهر عنف منظم مثل المكسيك وكولومبيا تجاوزت تركيا في هذا المجال. هذه المعطيات تؤكد أن إشكالية الأمن في تركيا لم تعد ظرفية، بل تحولت إلى معضلة بنيوية تهدد الاستقرار الاجتماعي.
وبذلك، وجدت أنقرة نفسها في موقع أدنى من دول مثل الإكوادور وغواتيمالا ونيكاراغوا وناميبيا وزامبيا، رغم أن هذه البلدان تواجه بدورها تحديات اقتصادية وسياسية معقدة.
تراجع في جودة الحياة
أما على مستوى مؤشر “جودة الحياة”، فقد جاءت تركيا في مرتبة متأخرة أيضاً، إذ حلت في المركز الثامن والعشرين. وفي مقدمة التصنيف حضرت إسبانيا والبرتغال وفرنسا والنمسا والأرجنتين. فيما سبقت تركيا دولا من أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا مثل كولومبيا والمغرب وباراغواي والمكسيك وسيشيل وناميبيا وتشيلي وتايلاند. وعلى الطرف الآخر من القائمة، سجلت كمبوديا ولاوس وزامبيا وغواتيمالا وإندونيسيا أدنى النتائج.
سياقات راهنة تعزز التراجع
هذا التراجع يأتي في ظل أزمات متراكمة يعيشها الداخل التركي، أبرزها الانكماش الاقتصادي وتراجع قيمة العملة الوطنية، إلى جانب تفاقم البطالة وارتفاع معدلات التضخم. كما أن توترات السياسة الداخلية، والجدل المتصاعد حول استقلالية القضاء والحريات العامة، أسهمت في تآكل ثقة المجتمع بقدرة المؤسسات على حماية مستوى المعيشة وضمان الأمن الاجتماعي.

