أدانت منظمة العفو الدولية قمع السلطات التركية لحقوق حرية التعبير والتجمع السلمي في أعقاب ردود الفعل الشعبية على مقتل صحفيين كرديين مؤخراً، واللذين قُتلا جراء ما ورد أنه ضربة جوية بطائرة مسيّرة في شمال سوريا، بحسب ما أفاد به مركز ستوكهولم السويدي للحرية.
وفي بيان صدر يوم الخميس، دعت المنظمة السلطات التركية إلى إنهاء ما وصفته بـ”حملة قمع المعارضة السلمية”، وحثت على الامتثال الكامل لالتزامات تركيا بموجب القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
وأكدت أن السلطات يجب أن تتوقف عن استخدام النظام القضائي كوسيلة لقمع الأصوات المعارضة، وأن تسقط التحقيقات الجارية ضد الصحفيين وغيرهم ممن يمارسون حقوقهم المشروعة أو يؤدون واجباتهم المهنية.
وكانت احتجاجات قد اندلعت في تركيا بعد مقتل الصحفيين جيهان بلجين وناظم داشتان في 19 ديسمبر 2024. وهذان الصحفيان ينحدران من جنوب شرق تركيا، حيث الغالبية الكردية، وقد قُتلا أثناء تغطيتهما للاشتباكات بين ميليشيات مدعومة من أنقرة ومقاتلين أكراد مدعومين من الولايات المتحدة قرب حلب، وفق التقارير.
وفي رد فعل على الاحتجاجات، فرضت السلطات قيوداً مشددة على المظاهرات، حيث منعت بعضها وقلّصت نطاقها، واعتقلت مشاركين وأطلقت تحقيقات جنائية طالت صحفيين ومحامين ووسائل إعلام.
وفي 20 ديسمبر، اعتُقل 55 شخصاً على الأقل، من بينهم 10 صحفيين، خلال مظاهرات شرقي تركيا، لكنهم أُفرج عنهم في اليوم ذاته. وفي اليوم التالي، منعت الشرطة في إسطنبول متظاهرين من قراءة بيان صحفي، واعتقلت 59 شخصاً في ثلاث عمليات تدخل. وأُحيل 14 منهم إلى النيابة العامة، وفي 22 ديسمبر، وُضع تسعة أشخاص، بينهم سبعة صحفيين، قيد الحبس الاحتياطي بتهمة “نشر دعاية إرهابية” بسبب عرضهم صوراً للصحفيين القتلى.
وذكرت تقارير مراقبين من العفو الدولية أن الشرطة استخدمت القوة المفرطة ضد المتظاهرين، بما في ذلك تقييد أيديهم باستخدام أربطة بلاستيكية وإجبارهم على الضغط بوجوههم على حافلات الاحتجاز. كما زعمت صحفيات تعرضهن لتفتيش قسري وأشكال أخرى من سوء المعاملة أثناء الاحتجاز، مما أثار انتقادات إضافية.
ودعت العفو الدولية السلطات التركية إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين الذين تم توقيفهم لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي. كما طالبت بإجراء تحقيقات فورية وشاملة ومستقلة وشفافة وفعالة في مزاعم الانتهاكات التي ارتكبها أفراد قوات الأمن بحق الصحفيين والمتظاهرين.
وأوضحت السلطات التركية أن حظر الاحتجاجات واعتقال المشاركين يستندان إلى المادة 17 من قانون الاجتماعات والمظاهرات والمادة 32/ج من قانون الإدارة الإقليمية، مشيرة إلى مخاوف تتعلق بالنظام العام والأمن. إلا أن منتقدين وصفوا هذه القيود بأنها غير متناسبة وتهدف في جوهرها إلى قمع المعارضة.
وامتد قمع السلطات ليطال وسائل الإعلام والمؤسسات القانونية، حيث واجهت نقابة المحامين في إسطنبول تحقيقاً جنائياً بعد مطالبتها بفتح تحقيق في مقتل الصحفيين والإفراج عن المحتجزين. كما تعرضت منصة الأخبار “T24” والصحفية سيهان أفشار لتحقيقات بسبب تقاريرها ومنشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بمقتل الصحفيين.
واختتمت العفو الدولية بيانها بالتأكيد على أن “حملة القمع التي تستهدف المحامين والصحفيين والمتظاهرين تمثل استغلالاً غير مشروع للنظام القضائي بهدف تخويفهم وإسكاتهم، مما يشكل انتهاكاً لالتزامات تركيا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.”