نداء من خلف القضبان في أعقاب الزلزال
أطلق رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، نداءً شديد اللهجة من محبسه في سجن سيليفري، عقب الزلزال القوي الذي ضرب المدينة يوم الثلاثاء، مطالباً بوحدة وطنية واستجابة شاملة لمواجهة خطر الكوارث الطبيعية.
وقال إمام أوغلو، عبر بيان نشره على منصة “إكس”، إن أكثر ما يؤلمه هو عدم تمكنه من الوقوف إلى جانب سكان إسطنبول في هذا اليوم العصيب، خاصة وأنه كرّس سنوات من عمله البلدي للاستعداد لمثل هذه الكوارث.
“أكبر من الانتخابات والسلطة”
وشدد إمام أوغلو، الذي يُعد أبرز وجوه المعارضة التركية والمعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة المقبلة عام 2028، على أن الاستعداد للزلازل لا يجب أن يكون موضوعًا للمنافسة السياسية، بل هو “قضية بقاء وطني تفوق بكثير معارك السلطة أو الحسابات الانتخابية”. وأضاف أن فرق البلدية في حالة استنفار قصوى وتعمل بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة، مثنيًا على غياب الأضرار الجسيمة أو سقوط ضحايا رغم شدة الهزة.
دعوة لتعاون مؤسسي وخطط شاملة
في معرض بيانه، جدّد إمام أوغلو دعوته لإنشاء “مجلس زلازل إسطنبول”، وطرح خطة متعددة الأبعاد تشمل التحول العمراني الشامل، وتعزيز البنية التحتية، وتنسيق الجهود بين مختلف القطاعات الإدارية في المدينة والمناطق المجاورة. وأكد أن هذا الجهد لا يمكن أن ينجح دون تعبئة وطنية ودولية، وأن التعاون الوثيق بين الحكومة المركزية والبلديات بات أمراً لا مفر منه لمواجهة الزلزال القادم المتوقع على صدع شمال الأناضول.
تحذير من الانشغال بالمشاريع المثيرة للجدل
وانتقد إمام أوغلو تخصيص الموارد العامة لمشاريع يعتبرها خطرة وغير ذات أولوية، وعلى رأسها مشروع “قناة إسطنبول”، القناة المائية الاصطناعية التي تهدف الحكومة إلى شقها بين البحر الأسود وبحر مرمرة. وقال إن المشروع لا يهدد النظام البيئي للمدينة فحسب، بل يسهم في صرف الانتباه والموارد عن المهمة العاجلة المتمثلة في تحصين إسطنبول ضد كارثة زلزالية محتملة. وأردف: “علينا أن نغلق هذا الملف فورًا ونوجّه كل الإمكانات نحو هدف واحد: إنقاذ الأرواح قبل فوات الأوان”.
خاتمة: رسالة تضامن وأمل
اختتم إمام أوغلو رسالته بتمنياته بالسلامة والتماسك لجميع المواطنين، مؤكدًا أن الكوارث الطبيعية يجب أن تكون حافزًا للوحدة والعمل المشترك، لا سببًا لمزيد من الانقسام. وفي سياق متصل، لا يزال إمام أوغلو يقبع في السجن منذ 23 مارس بتهم فساد، وسط اتهامات من أنصاره بأن القضية ذات دوافع سياسية تهدف لإقصائه عن الساحة السياسية قبيل الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
خلفية زلزالية: إسطنبول تحت التهديد
يُذكر أن الزلزال الذي بلغت قوته 6.2 درجات على مقياس ريختر، والذي وقع قبالة سواحل سيليفري في بحر مرمرة، أعاد إلى الواجهة التحذيرات المتكررة من قبل العلماء، وعلى رأسهم الخبير الجيولوجي ناجي غورور، الذي شدد على أن الهزة الأخيرة ليست الزلزال الكبير المنتظر، والذي يُتوقع أن يتجاوز 7 درجات، داعيًا إلى تعبئة وطنية شاملة تبدأ قبل الكارثة وليس بعدها.
بهذا، تتقاطع دعوات إمام أوغلو مع صوت الخبراء والمؤسسات العلمية، ليصبح الاستعداد للزلزال المقبل – في مدينة يقطنها أكثر من 16 مليون نسمة وتقع على أحد أكثر خطوط الزلازل نشاطًا في العالم – مهمة وطنية تتطلب إرادة سياسية وتخطيطاً علمياً ومشاركة مجتمعية واعية.

