أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أمله في أن تنعم سوريا، جارتها الجنوبية، بالسلام الذي افتقدته على مدار 13 عامًا منذ اندلاع الحرب الأهلية، وذلك في ظل تقدم الفصائل المعارضة نحو العاصمة دمشق للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.
دعوة للسلام وإنهاء المعاناة
قال أردوغان خلال خطاب ألقاه في مدينة غازي عنتاب، التي لجأ إليها مئات الآلاف من السوريين: “أمنيتنا أن تجد سوريا السلام والطمأنينة التي طالما حلمت بها. لقد أنهكتها الحرب، والدماء، والدموع.”
وأضاف الرئيس التركي أن الشعب السوري يستحق حياةً تتسم بالحرية والأمن والسلام، مؤكدًا على تطلع بلاده لرؤية سوريا تتبنى نموذجًا من التعايش السلمي بين مختلف مكوناتها وهوياتها. وقال: “نأمل أن نشهد سوريا مختلفة قريبًا، حيث يمكن لجميع الهويات أن تتعايش في سلام.”
تركيا وسوريا: علاقة معقدة عبر الحدود
تمثل تركيا إحدى الدول الأكثر تأثرًا بالصراع السوري نظرًا لامتداد حدودها الطويلة مع سوريا، واستقبالها لما يقارب 3 ملايين لاجئ سوري منذ بدء الأزمة في عام 2011.
شدد أردوغان خلال خطابه على أهمية تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا كجزء من تحقيق الاستقرار الإقليمي، حيث قال أردوغان: “إخوتنا وأخواتنا السوريون يستحقون أن يعيشوا في وطنهم بكرامة وسلام. لقد فتحنا أبوابنا لهم خلال سنوات محنتهم، ونأمل أن يعودوا إلى وطن حر وآمن.”
دعم المعارضة ومساعي المصالحة
منذ اندلاع الحرب الأهلية، عُرفت تركيا بدعمها للمعارضة السورية ضد نظام الأسد، حيث قدمت أنقرة دعمًا سياسيًا ولوجستيًا لفصائل المعارضة. إلا أن الأشهر الأخيرة شهدت تحولًا في السياسة التركية تجاه دمشق، مع محاولات لتطبيع العلاقات بين البلدين بوساطة روسية.
وأوضح أردوغان خلال خطابه: “هناك واقع سياسي ودبلوماسي جديد في سوريا اليوم. لقد مددنا يدنا إلى دمشق عبر الوساطة الروسية، لكن النظام لم يستجب لهذه المبادرة.”
دور غازي عنتاب: نموذج للتعايش
اختيار أردوغان لمدينة غازي عنتاب لإلقاء خطابه يحمل دلالة خاصة، كونها موطنًا لعدد كبير من اللاجئين السوريين الذين فروا من ويلات الحرب. تجسد المدينة مثالًا حيًا للتحديات التي تواجهها تركيا في استيعاب اللاجئين، لكنها تعكس أيضًا رغبة أنقرة في تحقيق نموذج للتعايش بين الأتراك والسوريين، يعكس التزام تركيا تجاه جيرانها الجنوبيين.
أمل في مستقبل مشرق لسوريا
مع تقدم الأحداث في سوريا، يظل الموقف التركي معقدًا بين دعم المعارضة والبحث عن تسوية سلمية، لكن أردوغان ختم خطابه بنبرة تفاؤل، قائلاً: “نحن على أمل أن نشهد قريبًا سوريا تنهض من رماد الحرب وتصبح وطنًا يعيش فيه جميع أبنائه بسلام وحرية.”
يُنظر إلى هذا الخطاب على أنه رسالة إلى المجتمع الدولي والقيادة السورية على حد سواء، حيث تدعو تركيا لإنهاء الصراع وتعزيز الجهود لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.