أعلنت شركة الطاقة النووية الروسية الحكومية “روساتوم” عن نيتها مقاضاة شركة “سيمنز” الألمانية بسبب عدم تسليم معدات مدفوعة مسبقًا لبناء محطة الطاقة النووية في “آق قويو” بمحافظة مرسين جنوب تركيا، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “برلينر تسايتونغ” الألمانية.
خلفية المشروع ومراحل البناء
يُعد مشروع محطة “آق قويو” أول محطة طاقة نووية في تركيا ويتم إنشاؤها من قبل “روساتوم” بموجب اتفاقية وقعت بين روسيا وتركيا عام 2010، حيث يعتمد المشروع على نموذج “البناء والتشغيل والتملك”. يتألف المشروع من أربع مفاعلات نووية بطاقة إجمالية تبلغ 4800 ميجاوات، حيث ينتج كل مفاعل 1200 ميجاوات.
بدأت أعمال البناء في عام 2018، وكان من المتوقع تشغيل أول مفاعل في عام 2023 بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية، وفقًا لإعلان سابق من حزب العدالة والتنمية الحاكم. ولكن المشروع واجه تأخيرات متعددة، مع الإعلان مؤخرًا عن تأجيل الاختبارات التشغيلية لأول مفاعل إلى عام 2025، بينما يتوقع بدء التشغيل الكامل للمحطة بحلول عام 2026.
تفاصيل النزاع بين روساتوم وسيمنز
قال المدير التنفيذي لشركة روساتوم، أليكسي ليخاتشوف، في مقابلة مع قناة “روسيا-24”: “المعدات التي تم دفع ثمنها مسبقًا لم يتم تسليمها، مما تسبب في تكاليف إضافية لاستبدال المعدات وإعادة جدولة الأعمال”.
وأشار ليخاتشوف إلى أن هذا الخلاف قد يؤدي إلى تأخير المشروع وإلحاق خسائر مالية كبيرة.
من جهتها، أكدت شركة “سيمنز إنيرجي” في تصريح لنسخة دويتشه فيله التركية في سبتمبر، أن بعض المعدات الكهربائية قد تم تسليمها بالفعل، ولكن تم تعليق الشحنات الإضافية منذ حوالي عام بسبب غياب تصاريح التصدير والجمارك.
وأوضحت المتحدثة باسم الشركة: “نحن كشركة ملتزمون بالامتثال للوائح التصدير”، مشيرة إلى القيود التي فرضتها الحكومة الألمانية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
تأثير العقوبات الأوروبية
تخضع الصادرات الموجهة إلى روسيا لمراجعة دقيقة من قبل المكتب الفيدرالي للشؤون الاقتصادية ومراقبة الصادرات في ألمانيا، وذلك تحت إشراف وزارة الاقتصاد وحماية المناخ الفيدرالية. ومع فرض قيود صارمة على التعاملات المرتبطة بجهات روسية بسبب العقوبات، لم تحدد “سيمنز إنيرجي” المعدات التي تم تسليمها أو أسباب رفض تصاريح التصدير، وما إذا كانت القيود مرتبطة مباشرة بالعقوبات على روسيا.
تداعيات التأخير ودور الموردين الصينيين
أقر وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، في سبتمبر بأن تأخير تسليم المعدات قد أثر على الجدول الزمني للمشروع. وأشار إلى أن “روساتوم” لجأت إلى موردين صينيين لتوفير المكونات المطلوبة.
ورغم أن المشروع اكتمل بنسبة 90% تقريبًا، إلا أن التأجيلات المستمرة، بما في ذلك تأجيل موعد التشغيل الأولي المقرر في أكتوبر 2024، تزيد من التحديات التقنية والمالية التي تواجه المشروع.
أهمية مشروع “آق قويو” للطاقة في تركيا
يمثل مشروع محطة “آق قويو” النووية خطوة محورية في جهود تركيا لتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة. وبموجب الاتفاقية التركية-الروسية لعام 2010، تلتزم تركيا بشراء 50% من إنتاج المحطة الكهربائي لمدة 15 عامًا بسعر 12.35 سنتًا لكل كيلوواط/ساعة، مما يعني شراء 285 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء بتكلفة إجمالية تبلغ 35.2 مليار دولار.
علاوة على ذلك، يتضمن الاتفاق آليات لإدارة النفايات النووية، حيث يتم إعادة البلوتونيوم إلى روسيا، بينما تُعاد النفايات الأخرى إلى تركيا للتخلص منها وفق اللوائح المحلية.
رغم التحديات الفنية والخلافات القانونية مع “سيمنز”، تواصل تركيا وروسيا العمل على إنجاز هذا المشروع الضخم الذي يُتوقع أن يسهم في تلبية 10% من احتياجات تركيا الكهربائية عند اكتماله، ما يعكس أهميته الاستراتيجية لكلا البلدين.