كشفت كارثة الحريق المروّعة التي وقعت في فندق “جراند كارتال” بمنطقة كارتاكايا بمدينة بولو، وأودت بحياة 76 شخصاً، عن تقصير كبير في تدابير السلامة، وأثارت موجة غضب عارمة بعد الطريقة التي تم بها التعامل مع ضحايا الحادث.
تقصير في تدابير السلامة
بدأ الحريق في الساعات الأولى من الصباح في مطعم الفندق، وسرعان ما انتشر في المبنى بأكمله، مما أدى إلى وفاة 76 شخصاً وإصابة العشرات، واتضح أن الفندق كان يفتقر إلى أدنى معايير السلامة الأساسية، منها غياب ممرات الطوارئ المناسبة، حيث كشف موظفو الفندق أن المكان يفتقر إلى سلم طوارئ فعال، وغياب طفايات حريق في الطوابق، وعدم عمل نظام الإنذار أثناء الحريق، مما ساهم في زيادة عدد الضحايا.
شهادات مؤلمة من موظفي الفندق
أعرب موظفون في الفندق عن غضبهم من الإهمال الذي تسبب في هذه الكارثة، إذ قال أحد الموظفين المدعو نچيرفان أونر: “لم يكن لدينا سلم طوارئ صالح، ولا حتى طفايات حريق. نظام الإنذار لم يعمل، وهذا الإهمال تسبب بخسائر كبيرة في الأرواح”.
وأشار موظف آخر يدعى خليل جوموش، إلى خطورة الوضع قائلاً: “في مبنى خشبي مثل هذا، وجود إنذار يعمل كان يمكن أن ينقذ الكثير من الأرواح. للأسف، تأخرنا في اكتشاف الحريق، مما أدى إلى حالات وفاة بسبب الاختناق والقفز من النوافذ”.
جهود إنقاذ محدودة
روى الموظف جوموش تفاصيل محاولاتهم لإنقاذ الضحايا قائلاً: “استخدمنا السلالم الموجودة لمحاولة إنقاذ الضحايا، لكن الأمر كان صعباً جداً. حاولنا إقناع البعض بعدم القفز، إلا أن الذعر دفعهم إلى ذلك. قمنا بإنقاذ حوالي 25 شخصاً بوسائلنا المحدودة”.
مشاهد صادمة بعد الكارثة
بعد الحريق، واجهت العائلات صدمة أخرى عندما طُلب منهم التعرف على جثث ذويهم داخل شاحنة تبريد تابعة لشركة دواجن. أثارت هذه الطريقة استياءً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وصفها البعض بأنها غير إنسانية ومهينة للضحايا وعائلاتهم.
ردود فعل غاضبة
تسببت الصور المنتشرة للشاحنة في موجة من الغضب الشعبي. وصفها البعض بأنها تذكّر بوقائع مأساوية مشابهة، مثل تحويل فندق مذبحة “مادماك” التي أسفرت عن مقتل العشرات خلال أحداث الفوضى في التسعينات إلى مطعم.
تبريرات وتداعيات
وفقاً للمصادر، تم توفير الشاحنة بواسطة هيئة إدارة الكوارث والطوارئ (AFAD) بسبب نقص الإمكانيات. وبعد تصاعد الغضب، تم تغطية الشاحنة بغطاء بلاستيكي، فيما حاولت السلطات المحلية التهرب من المسؤولية، وأكدت وزارة الصحة أن الشاحنة أُحضرت من قِبل بلدية بولو.
اتهامات متبادلة وكشف عن ثغرات تنظيمية خطيرة
أعادت مأساة الحريق المروّع قضية غياب الرقابة والتنظيم إلى واجهة النقاش العام في تركيا، حيث تبادل المسؤولون الاتهامات حول المسؤولية، في حين كشفت تقارير صحفية عن تغييرات تنظيمية سابقة ساهمت في إضعاف إجراءات السلامة.
تصريحات وزير الثقافة والسياحة
في ردّه على الحادثة، أوضح وزير الثقافة والسياحة، محمد نوري أرصوي، أن الفندق خضع للتفتيش في عامي 2021 و2024، وكانت لديه شهادات كفاءة صادرة عن فرق الإطفاء المحلية، مضيفا أن جميع الفحوصات الدورية المتعلقة بالسلامة من الحرائق أُجريت بشكل منتظم ولم تُسجل أي ملاحظات سلبية حتى يوم وقوع الحريق.
رئيس بلدية بولو يحمّل الحكومة المسؤولية
رداً على تصريحات الوزير أرصوي، خرج رئيس بلدية بولو، تانجو أوزجان، بلهجة حادة محمّلاً الحكومة مسؤولية الكارثة، إذ أكد أن الفندق لا يقع ضمن نطاق صلاحيات بلديته، مشيراً إلى أن وزارة الثقافة والسياحة هي الجهة المسؤولة عن إصدار التراخيص والرقابة. وتابع أوزجان: “بدلاً من تحمل المسؤولية، يحاول الوزير تحميل بلديتنا الذنب. الحقيقة أن هذه المأساة نتيجة مباشرة للإهمال وسوء الإدارة على مستوى الحكومة”.
ثغرات تنظيمية خطيرة
كشفت تقارير إعلامية عن تغييرات جوهرية أُدخلت على اللوائح التنظيمية في عام 2012، بهدف تلبية مطالب قطاع المقاولات. ووفقاً للكاتب الصحفي، بهادر أوزغور، فقد تم تعديل المادة السادسة من لائحة “حماية المباني من الحرائق”، حيث أُلغيت ضرورة الحصول على موافقة فرق الإطفاء البلدية قبل إصدار التراخيص.
قبل التعديل، كانت المادة تنص على أنه لا يتم تنفيذ أي مشروع دون الحصول على موافقة مكتوبة من وحدات الإطفاء المعنية”، لكن بعد التعديل أصبحت الصيغة: “تتم الموافقة على المشاريع من قِبل الجهات المختصة بإصدار التراخيص، دون الحاجة إلى موافقة الإطفاء”.
تأثير التغييرات على السلامة العامة
في عام 2012، أصدرت وزارة البيئة والتحضر لائحة جديدة تحت عنوان “أسس طلب الوثائق أثناء منح تصاريح استخدام المباني”، ألغت عدة متطلبات أساسية، مثل تقارير السلامة من الحرائق، وتقارير ملاءمة أنظمة العزل الحراري، وفحص المواد المستخدمة في البناء.

