اتهم زعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزَل، وزارة المالية وهيئة التحقيق في الجرائم المالية (MASAK) بفبركة أدلة لتبرير اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في إطار حملة سياسية تستهدف خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان.
جاء ذلك خلال اجتماع حزبي في إسطنبول، حيث وصف أوزَل التقرير الصادر عن هيئة التحقيق في الجرائم المالية بأنه “مكتوب عمداً لتوريط إمام أوغلو”، مؤكدًا أن الهدف من ذلك هو إقصاؤه من المشهد السياسي عبر وسائل قانونية منحازة.
التقرير المثير للجدل ودور وزير المالية
أشار أوزَل إلى أن التقرير الذي استندت إليه السلطات في اعتقال إمام أوغلو لم يكن سوى أداة سياسية، إذ تم إعداده خلال عشرة أيام لكنه قُدم إلى القضاء قبل يومين فقط من اعتقاله. ووجه اتهامات مباشرة إلى وزير المالية محمد شيمشك، قائلاً: “أنت جزء من هذا الانقلاب السياسي… لقد سمحت باستخدام مؤسستك في لعبة سياسية قذرة، مما أفقدك مصداقيتك محليًا ودوليًا”.
اعتقال إمام أوغلو وحجز أصوله
بعد اعتقال إمام أوغلو في 19 مارس، تم احتجازه مرة أخرى يوم الأحد بتهم تتعلق بالفساد المالي، حيث وُجهت إليه اتهامات باستخدام شركة عائلته، “إمام أوغلو إنشاءات (بناء) في معاملات مالية غير قانونية. كما قامت السلطات بمصادرة ثلاث شركات بناء أخرى مرتبطة بأشخاص مقربين منه، في خطوة وصفها معارضون بأنها امتداد لسياسات مصادرة ممتلكات الخصوم السياسيين التي أعقبت محاولة الانقلاب عام 2016.
تشكيك قانوني في مصداقية تقرير هيئة التحقيق في الجرائم المالية
أثار تقرير هيئة التحقيق في الجرائم المالية جدلاً واسعًا بين القانونيين، حيث اعتبره المحامي علي يلديز غير شفاف وغير قابل للطعن مثل تقارير الشهود السريين. وأوضح أن هوية كاتبي التقرير تبقى مجهولة، مما يطرح تساؤلات حول مصداقيته ومدى استقلاليته عن النفوذ السياسي. من جانبه، وصف الصحفي بهادر أوزغور التقرير بأنه الأضعف من نوعه، مشيرًا إلى أن “لو لم نكن نعلم نوايا الحكومة، لظننا أنهم كتبوه بهذه الطريقة عمدًا كي ينهار الملف قضائيًا”.
انعكاسات اقتصادية واحتجاجات واسعة النطاق
أكد أوزَل أن تداعيات اعتقال إمام أوغلو لم تقتصر على الجانب السياسي، بل تسببت في اضطرابات اقتصادية كبيرة. ووفقًا له، أنفق البنك المركزي 26 مليار دولار خلال ثلاثة أيام فقط لدعم الليرة التركية بعد أن أثارت الاعتقالات احتجاجات واسعة النطاق. وأشار إلى أن الحكومة تركز على تخزين الاحتياطيات النقدية بينما تفرض تخفيضات في الأجور الحقيقية على العمال والمتقاعدين.
منذ اعتقال إمام أوغلو، شهدت تركيا أكبر موجة احتجاجات شعبية منذ أكثر من عقد، حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، واعتقلت أكثر من 1100 شخص، بينهم صحفيون. كما فرضت السلطات قيودًا على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى إغلاق مئات الحسابات على منصة “إكس” بناءً على طلب حكومي.
أبعاد سياسية وتشابه مع حملات القمع السابقة
أعلن حزب الشعب الجمهوري ترشيح إمام أوغلو للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، مما أثار تكهنات بأن الحكومة تسعى إلى عرقلة ترشحه عبر الإجراءات القانونية. ويشير محللون إلى أن استراتيجية السلطة الحالية تشبه الحملة التي أعقبت محاولة الانقلاب عام 2016، والتي شملت اعتقال آلاف الأشخاص ومصادرة أصول بقيمة 50 مليار دولار، معظمها من أفراد ومؤسسات مرتبطة بحركة كولن، التي ترفض اتهامات الحكومة لها بالإرهاب.

