تقدّم تسعة نشطاء أتراك مؤيدين لفلسطين، بينهم سيدات، بشكاوى جنائية تتهم السلطات التركية بسوء معاملتهم، بما فيه التفتيش العاري، أثناء احتجازهم حوالي أسبوعًا عقب احتجاجهم على الرئيس رجب طيب أردوغان.
وكانت السلطات اعتقلت النشطاء بعد مقاطعتهم خطاب أردوغان في منتدى النسخة الإنجليزية لقنوات تي آر تي الرسمية (TRT World) في إسطنبول يوم 29 نوفمبر، حيث اتهموه بالنفاق بشأن التجارة المستمرة المزعومة للنفط الخام مع إسرائيل، على الرغم من معارضة تركيا العلنية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
ادعاءات سوء المعاملة
اتهمت السلطات القضائية النشطاء، ومن بينهم سبع نساء، بــ”إهانة الرئيس” والمشاركة في مظاهرة غير قانونية. وخلال فترة احتجازهم، زعموا تعرضهم لتفتيش جسدي مهين وأشكال أخرى من سوء المعاملة من قبل حراس الرئيس وضباط شرطة إسطنبول وموظفي السجن.
وقد تضمنت الشكوى اتهامات بــ”التعذيب” و”الإيذاء العمد” و”التحرش الجنسي” و”الإهانة” و”التهديد” و”إساءة استخدام السلطة”.
التفتيش العاري
وأشار محامي النشطاء في الالتماس إلى أن “كرامة وسلامة موكليه الأخلاقية قد تم الاعتداء عليهما من خلال العنف الجسدي والنفسي والتعذيب والتهديد”.
وتشمل الاتهامات أيضًا تفتيشًا جسديًا قاسيًا تم خلاله “لمس أجسادهم وأماكن حساسة”، بالإضافة إلى إزالة جميع ملابسهم، بما في ذلك الملابس الداخلية، قسرًا.
سياق الاحتجاج
تمثل الاحتجاج في تسليط الضوء على تقارير تكشف استمرار شحنات النفط الخام من ميناء جيهان التركي إلى إسرائيل، على الرغم من الحظر التجاري الذي أُعلن عنه في مايو. وقد تتبعت مجموعات حقوقية، مثل “وقف تمويل الإبادة الجماعية”، شحنات النفط التي تم إعادة توجيهها عبر وجهات وسيطة، مع اتهام شركة النفط الأذربيجانية “سوكار” بلعب دور بارز في تسهيل هذه العمليات.
ويزعم النقاد أن حكومة أردوغان تناقض موقفها الداعم لفلسطين من خلال السماح بممارسات تجارية تدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. ويرى النشطاء أن هذه التجارة تقوض الخطاب العام لتركيا ضد الحملات العسكرية الإسرائيلية وتثير إحباط الجماعات المؤيدة لفلسطين.
أزمة غزة وردود الفعل الدولية
يأتي الاحتجاج والاعتقالات في سياق الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة، بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية ردًا على هجوم حماس في 7 أكتوبر الذي أسفر عن مقتل 1,206 أشخاص وأسر 250 رهينة. ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 44,600 شخص، معظمهم من المدنيين، منذ بدء الحملة العسكرية.
وقد اعتبرت الأمم المتحدة هذه الأرقام موثوقة، فيما خلص تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر في 5 ديسمبر إلى أن أفعال إسرائيل في غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
تزايد السخط
يعكس احتجاج النشطاء خلال خطاب أردوغان استياءً متزايدًا مما يراه كثيرون دعمًا رمزيًا للقضية الفلسطينية من قبل الحكومة التركية. ويجادل النقاد بأن هذه الإيماءات الرمزية لا ترقى إلى مستوى الإجراءات الملموسة لوقف العلاقات التجارية مع إسرائيل، مما يثير تساؤلات حول موقف تركيا من أزمة غزة واستراتيجيتها الجيوسياسية الأوسع.
وقد أثارت هذه القضية نقاشات حول انتهاكات حقوق الإنسان وحرية التعبير في تركيا، مسلطة الضوء على التوترات بين السياسات الداخلية وتموضع تركيا على الساحة الدولية.
التفتيش العاري في تركيا
يذكر أن منظمات ونشطاء في مجال حقوق الإنسان وجهت انتقادات لاذعة لنائبة حزب العدالة والتنمية الحاكم أوزلام زنجين في عام 2020، بعدما أنكرت تعرض مجموعة من النساء، اعتقلتهن السلطات بتهمة صلتهن بحركة الخدمة، للتفتيش العاري في مراكز الاحتجاز والسجون، زاعمة أن الادعاءات دعاية سوداء لتشويه سمعة الحكومة.
وكانت المحامية الكردية بريهان توران، العضوة في اتحاد المحاماة بمدينة ديار بكر، قالت حينها إن التفتيش العاري الذي تتعرض له النساء المعتقلات بشتى الذرائع هو “حقيقة تركيا المخجلة”. في حين طالبت باهار قاراقاش أولوغ، الناشطة العضوة في الحركة النسائية الحرة، نائبةَ رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية بالبرلمان أوزلام زنجين، بعدم إصدار أحكام وهي تجلس على كرسيها حول قضية التفتيش العاري للنساء في السجون. وأكدت أن كرامتها انتهكت عندما تم تفتيشها عارية ولم يكن عليها سوى الملابس الداخلية في السجن قبل 4 سنوات من الآن، مشيرة إلى أنه إذا تعرضت امرأة للتفتيش العاري يجب على كل النساء أن تناضل من أجلها.
في حين أن شهريبان زوغورلو، عضو مجلس بلدية ديار بكر، التي هي الأخرى تعرضت للتفتيش العاري مرتين أيضًا، طالبت كل النساء اللاتي تعرضن لمثل هذا الموقف بالخروج عن صمتهنّ والتحدث إلى وسائل الإعلام عما واجهنه في مراكز الاحتجاز والسجون، وقالت: “المزاعم الرسمية النافية لوجود تفتيش عار في السجون تشبه مقولات الحكومة النافية للبطالة والفقر في البلاد. الجميع يعرف أن البطالة والفقر وكذلك التفتيش العاري موجود في تركيا.. التفتيش العاري هو نتاج عقلية الذكورة التي تدوس على كرامة الإنسان. لن نقبل أبدا مثل هذه الممارسات وسنظل دائما ضدها”، على حد تعبيرها.