يستعد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، لزيارة بغداد يوم الأحد لإجراء محادثات مع القيادة العراقية حول قضايا الأمن الإقليمي، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الاقتصادي، وفقًا لما أفادت به وكالة الأناضول الرسمية.
لقاءات رفيعة المستوى وأهداف الزيارة
سيلتقي فيدان خلال زيارته بالرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزير الخارجية فؤاد حسين.
وستتركز المناقشات على عدد من القضايا البارزة، من بينها استقرار المنطقة في ظل تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، واتخاذ إجراءات مشتركة ضد حزب العمال الكردستاني، وتعزيز مشروع “طريق التنمية” الذي يُقدَّر تكلفته بـ17 مليار دولار، والذي يهدف إلى ربط العراق بتركيا ودول الخليج من خلال شبكة من الطرق والسكك الحديدية.
مكافحة الإرهاب ودعم السيادة العراقية
صرحت مصادر دبلوماسية لوكالة الأناضول أن فيدان سيؤكد مجددًا دعم أنقرة لسيادة العراق، مع التشديد على أهمية القضاء على نشاطات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، حيث يحتفظ الحزب بوجود قوي منذ سنوات.
يُذكر أن الحكومة العراقية كانت قد حظرت العمال الكردستاني في مارس 2024 بموجب اتفاق أمني مع تركيا، إلا أن أنقرة ترى أن بغداد بحاجة لاتخاذ “خطوات حاسمة” لإنهاء وجود الحزب بشكل كامل.
تعزيز العلاقات الاقتصادية والمشاريع الاستراتيجية
زيارة فيدان تأتي في أعقاب زيارة تاريخية قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق في أبريل 2024، والتي هدفت إلى إعادة ضبط العلاقات الثنائية من خلال اتفاقيات لتقاسم المياه، وشراكات في مجال الطاقة، وتعهدات بزيادة حجم التجارة الثنائية، الذي يبلغ حاليًا حوالي 20 مليار دولار.
وسيعمل فيدان خلال الزيارة على معالجة العقبات التي تعيق التبادل التجاري، بالإضافة إلى الدفاع عن حقوق التركمان العراقيين، خاصة في مدينة كركوك التي تشهد توترات عرقية.
القضايا الإقليمية وتأثير الأزمات المجاورة
تسعى تركيا أيضًا إلى منع تداعيات الحرب في غزة واضطرابات سوريا من التأثير سلبًا على استقرار العراق. ومن المتوقع أن يشجع فيدان الحوار بين الحكومتين العراقية والسورية، اللتين تتقاربان بشكل متزايد مع إيران، بهدف تهدئة التوترات الإقليمية.
مشروع طريق التنمية: طموح اقتصادي وتحديات سياسية
يمثل مشروع “طريق التنمية” عنصرًا محوريًا في الخطط الاقتصادية بين العراق وتركيا، ويهدف إلى إنشاء شبكة نقل حديثة تمتد من موانئ العراق الجنوبية إلى تركيا، مما يعزز الترابط الاقتصادي الإقليمي. ومع ذلك، يُثار الجدل حول جدوى المشروع بسبب الانقسامات السياسية داخل العراق واستمرار العمليات العسكرية التركية ضد المسلحين الأكراد.
القضايا العالقة: النفط والمياه والمساعدات الإنسانية
من بين القضايا الأخرى التي ستُناقش خلال الزيارة تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة واستئناف المحادثات حول خط أنابيب النفط بين العراق وتركيا، المتوقف منذ عام 2023 بسبب نزاعات التحكيم.
العراق يُعد سوقًا رئيسيًا للصادرات التركية، إلا أن الخلافات حول صادرات النفط من إقليم كردستان وحقوق المياه في نهري دجلة والفرات أدت إلى توترات متجددة بين البلدين.
زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى العراق تأتي في توقيت حساس وسط تصاعد التحديات الإقليمية والاقتصادية. تهدف الزيارة إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الأمن والتجارة، مع التركيز على مواجهة الإرهاب وتطوير البنية التحتية الإقليمية. ومع ذلك، يظل نجاح هذه الجهود مرهونًا بتجاوز الخلافات السياسية الداخلية والخارجية، والتعامل بحكمة مع الملفات العالقة، وفقا لمراقبين.