نفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) التقارير التي زعمت أن الولايات المتحدة تعمل على إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في مدينة كوباني الواقعة في شمال سوريا، بالقرب من الحدود مع تركيا.
كانت تقارير صدرت عن مصادر مرتبطة بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) تشير إلى أن الولايات المتحدة توسع وجودها العسكري في شمال سوريا وسط تصاعد التوترات مع تركيا بسبب الدعم الأمريكي للمقاتلين الأكراد.
نفي رسمي من البنتاغون
خلال مؤتمر صحفي يوم الجمعة، أكدت سابرينا سينغ، نائب المتحدث باسم البنتاغون، أن “الولايات المتحدة ليس لديها أي خطط لبناء قاعدة عسكرية في كوباني”، مضيفة أنها ليست على علم بأي تحركات للقوات تشير إلى مثل هذا المشروع.
دور الولايات المتحدة في سوريا
تتواجد القوات الأمريكية في سوريا منذ سنوات ضمن إطار عمليات مكافحة الإرهاب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية. في السابق، انسحبت القوات الأمريكية من كوباني منذ حوالي ست سنوات، إلا أن تقارير محلية أشارت إلى عودتها إلى المنطقة مؤخرًا.
مشاهدات ميدانية تعزز الشكوك
على الرغم من النفي الرسمي، أفادت مصادر محلية برصد شاحنات محملة بكتل خرسانية وغرف مسبقة الصنع وكاميرات مراقبة ومعدات حفر الخنادق وخزانات وقود، متجهة نحو كوباني، مما أثار الشكوك حول نوايا الولايات المتحدة.
تطورات سياسية معقدة
جاءت هذه التقارير وسط أجواء مشحونة بالتوترات بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات المدعومة من تركيا في شمال سوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر، الذي أنهى خمسة عقود من حكم عائلته، مما خلق فراغًا سياسيًا في البلاد. يعتقد البعض أن الوضع الأمني المتأزم يدفع الولايات المتحدة لتعزيز وجودها في المنطقة بهدف حماية حلفائها الأكراد والحفاظ على الاستقرار.
التوتر الأمريكي-التركي
رغم أن البنتاغون أكد أن تعاونه مع قوات سوريا الديمقراطية يقتصر على محاربة داعش، لكن تركيا ترى في قسد امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK) المصنف كمنظمة إرهابية من قبل كل من واشنطن وأنقرة.
خطوات من الحكومة السورية
في هذه الأثناء، تبذل الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا جهودًا لتعزيز سلطتها وبدأت بمحادثات مع قسد لبحث طرق حل الأزمة في شمال شرق البلاد، بما في ذلك دمج قوات قسد ضمن الجيش الوطني.
صحفيون ومحللون مثل سركيس قسركيان، الذي تحدث لقناة “الحدث” السعودية، يرون أن أي قاعدة أمريكية جديدة في كوباني ليست فقط لمحاربة داعش، ولكن أيضًا لحماية المناطق الكردية من هجمات تركية محتملة.
بينما أشار الصحفي التركي فهيم تاشتكين في تحليل له على قناة “جريدة دوار” على يوتيوب إلى أن النشاط الأمريكي الحالي في كوباني يمثل جزءًا من مواجهة استراتيجية متعددة الأبعاد في المنطقة. ويرى أن الولايات المتحدة تعمل على تعزيز مواقعها في سوريا لتؤثر على موقف النظام في دمشق مستقبلًا.
تحركات ميدانية وإشارات دائمة
تحدث تاشتكين عن بناء الولايات المتحدة لمنشآت جديدة محصنة في كوباني باستخدام الكتل الخرسانية، مما يدل على نية لجعل وجودها في المنطقة طويل الأمد. واعتبر ذلك رسالة تحذير ضد أي عملية عسكرية تركية محتملة، مشيرًا إلى جهود التحالف الدولي لتعزيز وجوده وسط التوترات المتصاعدة بين قسد والفصائل المدعومة من تركيا.
تستمر الولايات المتحدة في لعب دور رئيسي في شمال سوريا من خلال تعاونها مع قسد، في وقت تواجه فيه تحديات معقدة من الجانب التركي وتصعيدات داخلية بين الأطراف المحلية.