رفضت محكمة الصلح الجنائي العاشرة في إسطنبول، يوم الإثنين، الطعون المقدّمة من محامي رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو والمستشار الإعلامي للبلدية مراد أونغون، اللذين يواجهان تهم فساد أُودِعا على إثرها السجن الاحتياطي منذ 23 مارس الماضي.
وأحالت المحكمة القضية إلى محكمة الجنايات الابتدائية لمراجعتها واتخاذ قرار بشأن استمرار حبسهما أو الإفراج عنهما.
وكان الفريق القانوني لإمام أوغلو وأونغون قد قدّم طعناً في 7 أبريل، طالب فيه بإطلاق سراحهما الفوري، أو إحالة الملف إلى محكمة عليا في حال الرفض. وأشار الدفاع إلى أن التحقيق يفتقر إلى الوضوح وأن الاتهامات الموجهة، التي تشمل الرشوة وانتهاك الخصوصية، تفتقر إلى أدلة ملموسة أو تسلسل زمني دقيق.
خلفيات سياسية واحتجاجات شعبية غير مسبوقة
يُعد إمام أوغلو، الذي أصبح رمزاً للمعارضة التركية منذ فوزه التاريخي في انتخابات بلدية إسطنبول عام 2019 وإعادة انتخابه العام الماضي، الخصم السياسي الأبرز للرئيس رجب طيب أردوغان، في ظل ما يصفه مراقبون باتجاه متزايد نحو السلطوية. وقد أثار اعتقاله موجة احتجاجات ضخمة تُعد الأوسع منذ احتجاجات حديقة غيزي عام 2013، رافقتها إدانات دولية واسعة.
وقد أُوقف أونغون، وهو مستشار إعلامي بارز ورئيس شركة إعلامية تابعة للبلدية، في إطار تحقيقات تشمل بلدية إسطنبول، وتم تعليق مهامه الرسمية عقب توقيفه، أسوة برئيسه إمام أوغلو.
جدل حول ضعف الأدلة وموقف أردوغان من الملف
وفي سياق متصل، كشف الصحفي دنيز زيرَك في مقال له بصحيفة “نَفَس”، أن أردوغان أعرب في أحاديث داخلية عن انزعاجه من ضعف الاتهامات المقدمة ضد إمام أوغلو، وأبلغ المدعي العام المشرف على القضية بأنه كان يتوقع لائحة اتهام أقوى. ووفقًا لذات المصدر، ردّ المدعي بأن القضية قد تشهد تطورات خطيرة في حال القبض على مشتبه بهم فارين.
غير أن مركز مكافحة التضليل التابع لدائرة الاتصال في الرئاسة التركية سارع إلى نفي هذه الادعاءات، واصفاً ما ورد في التقرير بأنه “مفبرك ولا أساس له من الصحة”، محذّراً من تسييس الإجراءات القضائية الجارية.
اعتقالات جماعية واستمرار الاحتجاجات رغم القيود
بالتوازي مع المحاكمات، أمرت إحدى محاكم إسطنبول بالإفراج عن ثلاثة طلاب جدد كانوا قيد التوقيف الاحتياطي بسبب مشاركتهم في التظاهرات، فيما لا يزال 43 شاباً رهن الحبس، بحسب محامين تطوعوا للدفاع عن المحتجين.
وكانت الاحتجاجات التي اندلعت عقب اعتقال إمام أوغلو قد أسفرت عن توقيف ما يزيد عن 2000 شخص، بينهم عدد كبير من طلاب الجامعات، وصدرت قرارات باعتقال أكثر من 270 منهم. وأعلنت النيابة العامة في إسطنبول أنها وجهت تهماً لـ819 شخصاً في إطار 20 تحقيقاً منفصلاً تتعلق بخرق قانون الاجتماعات والتظاهرات العامة.
وقد لجأت السلطات إلى فرض حظر مؤقت على المظاهرات في إسطنبول وأنقرة وإزمير، غير أن التظاهرات عادت للظهور عقب عطلة عيد الفطر وإغلاق الجامعات، رغم تراجع كثافتها.
قراءات سياسية واستحقاقات انتخابية
ويرى مراقبون أن توقيف إمام أوغلو، الذي يُعد أبرز منافسي أردوغان المحتملين في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في 2028، يحمل أبعاداً سياسية تهدف إلى تحجيم دوره ومكانته المتنامية في المشهد التركي المعارض، خاصة في ظل تفوقه الشعبي في أكبر مدن البلاد.

