كشفت بيانات تستند إلى قرارات محكمة النقض التركية أن ادعاءات “سرقة الأسئلة” الموجهة ضد مجموعة من أتباع حركة الخدمة لا أساس لها.
فقد تبين أن السلطات القضائية التركية أصدرت قرارات برأت ساحة 94% من المتهمين في القضية المتعلقة بسرقة الأسئلة الثانوية والجامعية، القضية التي اعتبرتها حكومة حزب العدالة والتنمية دليلا على توغل حركة الخدمة في الجهاز البيروقراطي، في حين اعتبرتها الحركة جزءًا من “حملة تشويه موسعة” تستهدف خلق أرضية لاتهامات جاهزة.
حقيقة أم حملة تشويه ممنهجة؟
في بث عبر قناته على يوتيوب، عرض الكاتب والصحفي المعروف آدم يافوز أرسلان، الممثل لموقع (TR724) في واشنطن، بيانات مفصلة تكشف نتائج المحاكمات المتعلقة باتهامات سرقة الأسئلة، مؤكدًا أن هذه الاتهامات الموجهة ضد أكثر من 15 ألف شخص استخدمها نظام أردوغان بشكل ممنهج لتحقيق مكاسب سياسية ومنع الضحايا من استعادة حقوقهم.
صرح أرسلان بأن حكومة حزب العدالة والتنمية استخدمت هذه الادعاءات كأداة دعائية، خاصة بعد محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016، حيث أصبحت هذه الاتهامات أرضية لاتهامات جديدة، مشيرًا إلى أن الحكومة استغلتها لطرد مئات الآلاف من الأكاديميين ورجال الأعمال والموظفين من وظائفهم، معتمداً على خداع الرأي العام وترويجه لرواية زائفة، على حد وصفه.
أوضح أرسلان أن قرارات المحاكم كشفت عدم صحة هذه الاتهامات، فبين عامي 2011 و2024، حوكم 17,894 شخصًا بتهمة سرقة الأسئلة، وأدانت المحاكم 6% فقط منهم، في حين برأت ساحة 94% منهم.
وأشار إلى أن “هذه النسبة العالية من البراءة، حتى في محاكم النظام، تعكس ضعف الأساس القانوني لهذه الاتهامات”. وخلال عام 2023، نظرت محكمة النقض في 366 قضية؛ صدقت على أحكام البراءة في 334 منها، بينما أدانت 32 شخصًا فقط، تم نقض أحكام 12 منهم، مما يجعل عدد الإدانة النهائية 20 شخصًا فقط.
تداعيات إنسانية واجتماعية عاشها المتهمون
أضاف أرسلان أن هذه الحملة خلفت آثارًا إنسانية كارثية؛ فقد تعرض الآلاف للاعتقال التعسفي، وانفصلت العائلات، ودُمرت مسيرات مهنية، بينما كشفت المحاكم زيف هذه الادعاءات، ثم علق بقوله: “استخدام هذه الاتهامات كان جزءًا من حرب نفسية شنها النظام لتبرير الظلم الممارس ضد الأبرياء. اتجهت الحكومة إلى تضليل الرأي العام لجعل هذه الاتهامات تبدو حقيقية، ولكن قرارات المحاكم أبطلتها تمامًا”.
أشاد أرسلان بالشباب الذين تعرضوا لهذه الاتهامات “الظالمة” وأثبتوا براءتهم بإنجازاتهم، لافتًا إلى أن العديد من الذين سُجنوا ظلمًا بسبب هذه الادعاءات نجحوا لاحقًا في اجتياز امتحانات دولية، والتحقوا بأفضل الجامعات في تركيا والعالم، وأثبتوا أن نجاحهم كان ثمرة اجتهادهم وليس بسبب “سرقة الأسئلة”، على حد تعبيره.
أرسلان شدد أيضًا على أن الحقائق والبيانات الموثقة تضع نهاية لمزاعم سرقة أسئلة الدخول للثانويات والجامعات، قائلاً: “إذا استمر أحدهم في اتهامكم بسرقة الأسئلة، قدمه له قرارات محكمة النقض. هذه القضية أصبحت جزءًا من التاريخ كواحدة من أكبر الحملات النفسية التي شنها نظام أردوغان.”
واختتم قائلاً: “نسبة البراءة المرتفعة تثبت أن هذه الاتهامات كانت مجرد أداة لتبرير الظلم. دعونا نطوي صفحة هذا الادعاء الكاذب، ونتذكر أن العدالة ستظل دائمًا سلاحًا في مواجهة الظلم.”
كولن يرد على اتهامات “اختراق الدولة”
وكان فتح الله كولن الراحل رد على مزاعم اختراق أفراد حركة الخدمة لمؤسسات الدولة، في درس ألقاه على محبيه في تسعينات القرن الماضي، بأن تشجيع أي إنسان لأفراد شعبه على دخول بعض مؤسسات بلاده في إطار القانون لا يمكن تسميته بـ”الاختراق”، حيث إن هؤلاء المشجَّعين على دخول هذه المؤسسات هم أفراد الشعب التركي، ومواطنو الدولة التركية، والمؤسسات هي مؤسسات هذا الشعب وهذه الدولة، على حد تعبيره.
ثم لفت كولن في تصريحاته إلى أن: “الاختراق الحقيقي في تركيا جرى فعلاً في فترة معينة على أيدي شرذمة قليلين مِمَّن ليسوا من الأمة التركية. فالذين يتهمون اليوم أبناء الأمة التركية باختراق دولتهم ربما يسعوْن للتستر على اختراقهم الحقيقي للدولة التركية. ولعل قلقهم نابع من أن أبناء هذه الأمة لاحظوا اختراق هذه المجموعات الأجنبية لمؤسسات دولتهم. فالأتراك لا يخترقون مؤسسات دولتهم، بل الدخول إليها والتوظيف فيها حق قانوني ومشروع لهم، فهم يستطيعون أن يدخلوا إلى السلك السياسي والقضائي والجيش والاستخبارات والخارجية في إطار القوانين واللوائح الخاصة بتلك المؤسسات الرسمية دون أي مانع”، كما ورد في كتاب “قصة تركيا بين أردوغان الأول والثاني” للكاتب والمحلل التركي ياوز أجار.