أعلن وزير الدفاع التركي، يشار غولر، خلال مؤتمر صحفي عُقد يوم الجمعة بمقر وزارة الدفاع، أن تركيا ستبدأ في قطع الفولاذ الخاص ببناء أول حاملة طائرات محلية التصميم مع بداية عام 2025.
ويعد مشروع “حاملة الطائرات الوطنية” (MUGEM) خطوة كبيرة ضمن برنامج التوسع البحري الطموح الذي تنتهجه تركيا.
وقد اكتسب المشروع زخمه بعد موافقة اللجنة التنفيذية للصناعات الدفاعية، برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان، على دراسات التصميم في الثالث من يناير 2024. وتم الإعلان عن هذه المبادرة لأول مرة للجمهور في فبراير الماضي، عندما زار أردوغان مكتب مشروع التصميم في حوض بناء السفن البحري بإسطنبول.
وفي جولة نادرة نظمها مسؤولو البحرية التركية للصحفيين في أبريل الماضي داخل حوض بناء السفن، تم الكشف عن أبرز تفاصيل تصميم السفينة وقدراتها المتقدمة. وستتفوق هذه الحاملة على السفينة الحربية الرائدة حاليًا “TCG Anadolu”، التي تُعد سفينة هجومية برمائية متعددة الأغراض، حيث ستكون حاملة الطائرات الوطنية أول حاملة طائرات متكاملة في تركيا. كما يتم تطوير المشروع بالتوازي مع المدمرة الدفاعية الجوية “TF-2000”.
وأكد غولر أن بناء السفينتين سيبدأ في الأشهر الأولى من عام 2025، مما يعكس الطموحات التركية المتزايدة في تحديث القوات البحرية. ويأتي هذا المشروع امتدادًا للنجاحات السابقة التي حققتها تركيا في تصميم وإنتاج سفن “الكورفيت فئة Ada” والفرقاطة “Istanbul”، وكلها طُورت من قبل مكتب تصميم المشروع الذي قاد سابقًا برنامج”MilGem” المحلي.
تصميم متقدم وقدرات غير مسبوقة
ستتميز حاملة الطائرات الجديدة بأبعاد ضخمة؛ حيث يبلغ طولها285 مترًا وعرضها 72 مترًا، مع إزاحة تصل إلى60 ألف طن. كما سيتم تصميم الهيكل بشكل مثالي لضمان قدرات عالية على مقاومة الأمواج، فضلًا عن تحسين كفاءة المناورة حتى في أصعب الظروف البحرية. وسيؤدي التصميم المتطور لمقدمة السفينة إلى تقليل استهلاك الوقود بنسبة 1.5٪ وتحسين خصائص الضوضاء تحت الماء.
ستعتمد الحاملة على نظام “STOBAR” (الإقلاع القصير والهبوط المُقيّد)، وستتضمن ثلاثة مدارج، مدرجان للإقلاع ومدرج واحد للهبوط. وستبدأ السفينة باستخدام منحدر قفز للتزود بالطاقة أثناء الإقلاع، فيما يعمل المهندسون الأتراك على تطوير نظام مقلاع محلي للدمج في المستقبل.
من ناحية الدفع، ستُزود الحاملة بأربع توربينات غازية تعمل بتكوين “COGAG” (الدفع المشترك بالغاز)، ما سيمكنها من بلوغ سرعة25 عقدة مع الحفاظ على كفاءة استهلاك الوقود. ويُتوقع أن تصل مدى عملياتها إلى 10,000 ميل بحري عند الإبحار بسرعة 14 عقدة، مما يتيح لها القدرة على مواصلة العمليات لمدة تصل إلى60 يومًا متواصلة.
القدرات الجوية والدفاعية
من المتوقع أن تستوعب الحاملة50 طائرة، بواقع 20 طائرة على سطح السفينة و30 طائرة داخل الحظيرة. وسيشمل جناحها الجوي مزيجًا من الطائرات المأهولة وغير المأهولة، بما في ذلك:
- الطائرة الهجومية الخفيفة (حرجت) “Hürjet” محلية الصنع.
- المقاتلة النفاثة غير المأهولة “ANKA-III”.
- الطائرات المسيرة القتالية”Bayraktar KIZILELMA”
أما بالنسبة للدفاع الذاتي، فستُزود الحاملة بمنظومة “MIDLAS” للإطلاق الرأسي المكونة من32 خلية، إلى جانب أربعة أنظمة (Gökdeniz) للدفاع القريب، وستة أنظمة STOP ذات التحكم عن بعد بعيار 25 ملم من إنتاج شركة أسلسان التركية.
وستعمل السفينة بطاقم يتراوح بين400 إلى 500 فرد، مع القدرة على استيعاب ما يصل إلى 800 شخص، بمن فيهم الطاقم الجوي ووحدات القوات الخاصة. كما ستتضمن مرافق طبية متكاملة، تشمل غرف عمليات حديثة ووحدة إسعاف متكاملة.
الأهمية الاستراتيجية للمشروع
من جانبه، شدد البروفيسور المساعد والمهندس العقيد هاكان أوجار، مدير مكتب تصميم المشروع، على الأهمية الاستراتيجية لهذه الحاملة، قائلًا: “ستُعزز هذه السفينة قدرة القوات البحرية على حماية المصالح التركية في المناطق البعيدة ودعم العمليات متعددة الأغراض”.
ويعد مشروع “حاملة الطائرات الوطنية” تقدمًا كبيرًا مقارنة بالسفينة الحالية TCG Anadolu، حيث توفر ضعف السعة الجوية ومدى عمليات أطول. فبينما يبلغ مدى السفينة “أناضول” 9,000 ميل بحري، ستُحقق الحاملة الجديدة مدى يصل إلى 10,000 ميل بحري، إضافة إلى سرعات أعلى بفضل نظام الدفع المتقدم.
دلالة التحوّل الاستراتيجي
يرى المحلل الدفاعي والضابط البحري السابق، فاتح يورتسيفر، الذي يستخدم اسمًا مستعارًا لأسباب أمنية، أن مشروع حاملة الطائرات يمثل تحولًا جذريًا في الاستراتيجية البحرية التركية، حيث تنتقل من الدفاع الساحلي إلى إسقاط القوة في المياه المتنازع عليها.
يُجسد المشروع سعي تركيا لتطوير قدرات بحرية متقدمة تمكنها من تعزيز وجودها المستدام في المياه الاستراتيجية ودعم عمليات بعيدة المدى متعددة الأغراض، مما يعكس طموحاتها في أن تصبح قوة بحرية مؤثرة على الساحة الدولية.