كشف راسم أوزان كوتاهيالي، الصحفي المقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي يصف نفسه بـ”مهندس الدعاية” للرئيس، عن الجهود المنهجية التي قامت بها الحكومة التركية لتصنيف حركة الخدمة كمنظمة إرهابية قبل محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016.
الصحفي كوتاهيالي، الذي أثار أمس جدلا واسعا بعد مطالبته بضم مدن عربية، مثل حلب والقاهرة ومكة المكرمة والموصل وغيرها إلى تركيا، أقر بوجود حملة سياسية وإعلامية منسقة لنزع الشرعية عن الحركة التي كان يقودها فتح الله كولن الذي توفي في أكتوبر الماضي بالولايات المتحدة.
وأعلنت الحكومة التركية الحركة كمنظمة إرهابية في مايو 2016، متهمة إياها بتدبير محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016، وأطلقت حملة تصفية واعتقال موسعة لم تستهدف العسكريين المزعومة مشاركتهم في أحداث الانقلاب فقط، بل شملت عشرات الآلاف من الموظفين في القطاع العام والمدنيين العاملين في القطاع الخاص.
بدأ استهداف أردوغان لحركة كولن منذ تحقيقات الفساد التي جرت في ديسمبر 2013 والتي طالت أردوغان وعائلته ودائرته المقربة، حيث وصف هذه التحقيقات بأنها “انقلاب قضائي” ضد حكومته، ونسبها إلى أعضاء الحركة داخل الجهاز القضائي والشرطة. تصاعدت الحملة ضد الحركة بعد محاولة الانقلاب حيث استخدم أردوغان الحادثة كذريعة لتعزيز سلطته وقمع المعارضة، فيما يشبهه العديد بـ”مطاردة الساحرات”.
واعترف كوتاهيالي، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع حزب العدالة والتنمية، بدوره المحوري في وصف الحركة بأنها منظمة إرهابية قبل محاولة الانقلاب، إذ قال في مقابلة أجراها مؤخرًا مع موقع موال للحكومة: “كنت جزءًا من الفريق الذي أنهى وجود حركة كولن. لقد عمّمنا مصطلح (FETÖ) عام 2014، وكان ذلك جهدًا متعمدًا لتشكيل الرأي العام وترسيخ رواية أنهم إرهابيون”، مشيدًا بجريدة “صباح” المحسوبة على الحكومة لدورها في نشر المصطلح في عناوينها اليومية.
توفر تصريحات كوتاهيالي نظرة نادرة عن كيفية قيام الحكومة التركية، بالتعاون مع وسائل الإعلام الموالية، بتشويه سمعة حركة كولن بشكل منهجي لتبرير حملات التطهير والاعتقالات الواسعة النطاق التي أعقبت محاولة الانقلاب.
في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، دعمت حركة كولن جهود حزب العدالة والتنمية للحد من النفوذ العسكري وتنفيذ إصلاحات ديمقراطية، لكن العلاقة توترت في العقد التالي مع ميل أردوغان نحو ما سمته الحركة الاستبداد، لا سيما بعد فضيحة الفساد عام 2013.
في أعقاب ذلك، أعادت الحكومة تعيين الآلاف من ضباط الشرطة والقضاة والمدعين العامين الذين يشتبه في ارتباطهم بالحركة، واعتقلت عددًا منهم، وبدأت حملة إعلامية تصف الحركة بأنها “هيكل الدولة الموازية”. تطورت هذه الرواية لاحقًا إلى مصطلح “FETÖ” في أواخر عام 2014، وهي رواية دعمها إعلام الحكومة مثل جريدتي “صباح” و”يني شفق” وقنوات مثل “آ خبر”.
وأكد كوتاهيالي أن الجهود لم تكن مجرد خطاب، بل تضمنت إجراءات عملية، مثل إغلاق المدارس التابعة للحركة ومصادرة شركاتها.
حملة الحكومة ضد حركة الخدمة واجهت انتقادات دولية، إذ رفضت العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، مطالب تركيا بإغلاق مدارس الحركة أو تسليم أعضائها. ولا تزال المؤسسات التابعة للحركة في الخارج تُعتبر منظمات تعليمية وخيرية سلمية.
انتقدت منظمات حقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” استخدام تركيا لمصطلح “FETÖ” لتبرير عمليات التطهير وانتهاكات حقوق الإنسان. وتصاعدت هذه الحملة بعد محاولة الانقلاب عام 2016، حيث أعلنت الحكومة حالة الطوارئ، مما أتاح لها قمع كل المعارضة وإغلاق وسائل الإعلام المؤثرة وسجن المعارضين.
ويجادل النقاد بأن ثقافة لوم الحركة بشكل مفرط قد خنقت المعارضة وخلقت مناخًا من الخوف، حيث يُستخدم المصطلح حتى لتفسير الكوارث الطبيعية والإخفاقات الحكومية، مثل الزلزال المدمر الذي وقع في فبراير 2023 وأسفر عن مقتل 50,000 شخص.