بدأ مئات اللاجئين السوريين في تركيا بالتوجه نحو المعابر الحدودية للعودة إلى بلادهم، وذلك عقب إعلان تحالف من فصائل المعارضة السورية يوم الأحد عن الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وتجمع اللاجئون السوريون، حاملين أمتعتهم، عند بوابة “أونجو بينار” الحدودية في ولاية كيليس جنوب شرق تركيا، وبوابة “جيلوة غوزو” الحدودية في ولاية هاتاي جنوب البلاد، قادمين من مدن عديدة مثل إسطنبول وأنقرة وقيصري وبورصا وغازي عنتاب. وتقدموا بطلبات لدى إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية للحصول على إذن بالعودة إلى سوريا.
إجراءات العودة الطوعية
قبل عودتهم، يُطلب من اللاجئين السوريين تسليم بطاقات الهوية المؤقتة التي حصلوا عليها في تركيا إلى السلطات، بالإضافة إلى توقيع استمارة تؤكد رغبتهم في العودة الطوعية.
وأفادت التقارير أن غالبية العائدين عبر بوابة أونجو بينار الحدودية هم من سكان مدينة حلب. وعبر العديد من اللاجئين الذين تحدثوا إلى إذاعة “صوت أمريكا” عن سعادتهم بالعودة إلى وطنهم، مشيرين إلى أن بلادهم تنتظرها بداية جديدة.
تركيا ومأساة اللاجئين السوريين
منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، استضافت تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين على مستوى العالم، حيث بلغ عددهم حوالي 3.6 مليون شخص. ورغم كرم الضيافة، واجه اللاجئون ظروفًا معيشية صعبة، فضلًا عن تصاعد الخطاب المناهض لهم في تركيا مؤخرًا.
وعبّر اللاجئون عن شكرهم للشعب والحكومة التركية على استضافتهم لما يزيد عن عشر سنوات، كما توقعوا أن تشهد الأيام القادمة عودة المزيد من السوريين إلى بلادهم مع تحسن الأوضاع.
قصص اللاجئين العائدين
محمد طه، الذي فر من حلب إلى تركيا في عام 2014، قرر العودة إلى مسقط رأسه مع أطفاله الخمسة، أربعة منهم وُلدوا في تركيا، بعد أن قضى حوالي عشر سنوات في ولاية قيصري. وقال طه: “لم أتمكن من العودة بسبب الحرب. لكن الحمد لله، انتهت الحرب والصراعات. أقدم الآن طلبًا للعودة إلى حلب مع أطفالي الخمسة. أشعر أن السلام ينتظرنا هناك. لقد تحقق العدل أخيرًا، وسألتقي بأقاربي وأصدقائي مجددًا.”
أما حمزة، وهو لاجئ آخر من حلب، فقد أشار إلى أنه غادر مدينة غازي عنتاب مع زوجته وأطفاله الأربعة متوجهًا إلى معبر كيليس، حيث بدأ إجراءات العودة.
من جهته، قال أحمد منصور، الذي وصل إلى المعبر مع عائلته قادمًا من غازي عنتاب أيضًا: “لقد دمر الأسد وطننا. لكن الحمد لله، اضطر في النهاية إلى الفرار. سنبدأ من جديد في بلدنا، سنعيد بناء منازلنا المدمرة، وسنعمل للتمسك بالحياة هناك.”
خطاب سياسي وشكر للحكومة التركية
يُذكر أن اللاجئين السوريين في تركيا كانوا هدفًا متكررًا للخطاب السياسي المناهض، حيث تم تحميلهم مسؤولية الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، وازداد هذا الخطاب حدة خلال الانتخابات الرئاسية في مايو 2023.
وتعرض الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومته لانتقادات واسعة من المعارضة بسبب اتباعهم سياسة “الباب المفتوح” تجاه اللاجئين وتقديم الدعم لهم.
تصريحات وزير الخارجية التركي
وفقًا لبيانات إدارة الهجرة التركية، بلغ عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا 2,838,261 حتى 28 نوفمبر، أي قبل الإطاحة بنظام الأسد. ولم تُصدر السلطات بعد بيانات رسمية حول عدد اللاجئين العائدين خلال اليومين الماضيين.
وفي سياق متصل، صرّح وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال مؤتمر السفراء الـ15 في أنقرة، بأن الحكومة التركية ستواصل جهودها لضمان العودة الآمنة والطوعية للسوريين، بالإضافة إلى إعادة إعمار البلاد.
وقال فيدان: “بدأت حقبة جديدة في سوريا. نأمل أن تشهد المرحلة المقبلة سوريا يعيش فيها مختلف الأعراق والطوائف بسلام تحت إطار حوكمة شاملة. نرغب في رؤية سوريا جديدة تقيم علاقات جيدة مع جيرانها وتساهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. ونحن مستعدون لتقديم الدعم اللازم لتحقيق ذلك.”