تستعد اليونان لتقديم احتجاج رسمي ضد إيطاليا بعد موافقة الحكومة الإيطالية على بيع شركة بياجيو للصناعات الجوية (Piaggio Aerospace)، المتخصصة في تصنيع الطائرات والمحركات، إلى شركة بايكار التركية، وهي إحدى أبرز شركات الدفاع والمُصنّع الرائد للطائرات المُسيّرة في تركيا، وفقًا لما أوردته صحيفة (Ekathimerini) يوم الإثنين.
توتر دبلوماسي في أوروبا بسبب الصفقة
تأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه العلاقات بين أثينا وأنقرة توترات متزايدة، لا سيما في ظل الخلافات حول السيادة البحرية في بحر إيجه. كما تتزامن مع محادثات رفيعة المستوى بين رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن احتمال بيع صواريخ جو-جو من طرازMeteor إلى تركيا، وهو ما تعتبره اليونان تطورًا قد يؤثر على توازن القوى العسكرية في المنطقة.
الاعتراض اليوناني والاستناد إلى القوانين الأوروبية
وجهت اليونان اتهامًا رسميًا لإيطاليا بانتهاك اللائحة الأوروبية رقم 2019/452، والتي تنظم مراجعة الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الاستراتيجية داخل الاتحاد الأوروبي، متهمةً روما بالموافقة على الصفقة دون إخطار بقية الدول الأعضاء، مما يُعد إخلالًا بمبدأ الشفافية والتنسيق الأوروبي في المسائل الدفاعية.
وترى أثينا أن بيع بياجيو لشركة بايكار يمنح تركيا ميزة استراتيجية، حيث تنتج الشركة الإيطالية طائرات استطلاع ومحركات قد تعزز القدرات العسكرية لأنقرة، خصوصًا في مناطق النزاع مثل بحر إيجه، حيث تشهد العلاقات بين البلدين مواجهات متكررة.
انعكاسات الصفقة على برنامج الطائرات المقاتلة F-35
إحدى القضايا المثيرة للقلق في هذه الصفقة هي أن بياجيو للصناعات الجوية تعد من بين الموردين لمكونات محركات طائرات F-35، حيث تنتج شفرات التوربينات لمحركات F135، التي تُستخدم في تشغيل هذه المقاتلات المتقدمة.
ورغم أن تركيا كانت قد أُقصيت من برنامج F-35 عقب شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400، فإن امتلاك بايكار لشركة بياجيو يثير مخاوف بشأن إمكانية وصول أنقرة إلى تقنيات حساسة مرتبطة بالطائرات الحربية الأمريكية المتقدمة.
الدفاع الإيطالي عن الصفقة والأبعاد الاقتصادية
من جهتها، بررت الحكومة الإيطالية الصفقة بأنها قانونية وضرورية لإنقاذ الشركة المتعثرة، حيث أعلنت وزارة الشركات وصناعة إيطاليا أن استحواذ بايكار على بياجيو سيساهم في ضخ استثمارات بقيمة 200 مليون يورو، مما يضمن استمرار1,200 وظيفة، إضافة إلى إعادة إحياء إنتاج طائرات مثل P.180 Avanti.
قلق يوناني من تنامي التعاون الأوروبي مع تركيا
يُعد هذا التطور جزءًا من ديناميكية أوسع تشهد فيها تركيا تعزيزًا لعلاقاتها الدفاعية مع دول أوروبية، رغم اعتراضات أثينا، حيث تجري فرنسا مفاوضات لبيع صواريخMeteor إلى تركيا، مما دفع اليونان إلى استدعاء اتفاقية الدفاع المشتركة مع باريس لعام 2021، التي تنص على ضرورة التشاور في المسائل الأمنية بين الطرفين. كما أن ألمانيا وافقت على تخفيف القيود المفروضة على صادرات الأسلحة إلى تركيا، وتمضي قدمًا في عقد بقيمة 2.5 مليار يورو لتسليم أنقرة ست غواصات من طراز Type 214 وساهمت إسبانيا في بناء حاملة الطائرات التركية TCG Anadolu، والتي أصبحت الآن حاملة طائرات مُسيّرة أيضًا. كذلك منحت المملكة المتحدة عقودًا دفاعية لتركيا بلغت قيمتها 2.2 مليار يورو في العقد الماضي، وتسعى إيطاليا إلى تعزيز التعاون بين شركة ليوناردو الدفاعية وشركة بايكار لتطوير طائرات مسيّرة متقدمة.
مستقبل التعاون الدفاعي الأوروبي في ظل التوترات
من المتوقع أن يكون هذا الملف حاضرًا بقوة خلال القمة المرتقبة بين ميتسوتاكيس وماكرون في قمة الذكاء الاصطناعي في باريس يوم10 فبراير، حيث سيواصل الجانبان النقاش حول توازن القوى الدفاعية في شرق المتوسط.
في ظل استمرار صفقات الدفاع بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى تأثير هذه العلاقات العسكرية على التضامن الأوروبي وموقف بروكسل من التوترات اليونانية-التركية، مما يجعل الملف مفتوحًا على تحولات جديدة قد تعيد رسم المشهد الأمني في المنطقة.