أعلنت وكالة الاستخبارات اليونانية، يوم الأربعاء، عن رفع السرية عن مجموعة من الوثائق الأرشيفية المتعلقة بالانقلاب العسكري الذي قادته اليونان في قبرص عام 1974 والغزو التركي الذي تلاه، وذلك لأول مرة في تاريخها.
وفقًا لما ذكرته وكالة فرانس برس، تتعلق الوثائق، التي كانت مصنفة سابقًا على أنها “سرية للغاية”، بالفترة الحرجة بين يوليو وأغسطس 1974.
وأوضح إيفانثيس هاتزيفاسيليو، أستاذ التاريخ الحديث في جامعة أثينا الوطنية، أن هذه الوثائق تحمل أهمية “بالغة”، حيث تكشف الأرشيفات أن وكالة المخابرات اليونانية لم تكن على علم مسبق بمحاولة الانقلاب التي نظمها النظام العسكري الحاكم في أثينا ضد رئيس قبرص آنذاك، الأسقف مكاريوس، مضيفًا: “النظام العسكري أبلغ فقط الأشخاص الذين كان من الضروري جدًا إبلاغهم.”
بعد الانقلاب، أظهرت الوكالة “دقة كبيرة” في تقييمها لتحضيرات تركيا للغزو، لكن تحذيراتها لم تلق استجابة من الحكومة في أثينا، مما أدى إلى فشل في الدفاع عن قبرص. هذا الفشل أسهم في انهيار النظام العسكري في اليونان في يوليو 1974، وتبع ذلك غزو تركي ثانٍ للجزيرة في أغسطس. انقسمت قبرص منذ ذلك الحين إلى جزئين: منطقة الجنوب الناطقة باليونانية والتي تعترف بها الأمم المتحدة كجمهورية قبرص، ومن منطقة الشمال التي يسيطر عليها القبارصة الأتراك، والتي أعلنت استقلالها من طرف واحد في عام 1983 تحت اسم “جمهورية شمال قبرص التركية”، والتي لا تعترف بها سوى تركيا.
صرّح المدير العام لوكالة الاستخبارات اليونانية، ثيميستوكليس ديميريس، أن الوكالة ستستمر في رفع السرية عن وثائق تتعلق بـ”الفترات المظلمة” من التاريخ اليوناني، دون تقديم تفاصيل إضافية.
تأتي هذه الخطوة وسط جدل أوسع حول عمل الوكالة، خاصة بعد فضيحة تنصت واسعة النطاق في عام 2022، حيث تبين أن عددًا من الوزراء والمسؤولين، إلى جانب شخصيات أخرى، كانوا تحت المراقبة باستخدام برنامج خبيث غير قانوني يعرف باسم “Predator”.
رغم أن المراقبة جرت بموجب القانون، حسب ما صرح به رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، إلا أن الفضيحة أدت إلى استقالة كل من رئيس الوكالة السابق وأحد كبار مساعدي رئيس الوزراء، الذي هو أيضًا ابن شقيقه.
ومع ذلك، فإن التحقيقات في القضية، بما في ذلك مراقبة السياسي نيكوس أندروولاكيس، لم تسفر عن إجابات واضحة حول أسباب المراقبة، مما أثار انتقادات حول الشفافية وحفظ الأدلة.
يرى مراقبون أن إعلان وكالة الاستخبارات اليونانية عن رفع السرية عن هذه الوثائق يمثل خطوة كبيرة في الكشف عن بعض أكثر الفصول حساسية في التاريخ الحديث لليونان وقبرص. ومع تعهدها بالكشف عن المزيد، قد تفتح هذه الوثائق الباب أمام فهم أعمق للأحداث التي شكلت مصير المنطقة.