أفاد تقرير “تقارير الدول حول الإرهاب لعام 2023″، الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية هذا الأسبوع، أن تركيا استمرت في اعتقال واحتجاز أفراد بتهم مرتبطة بالإرهاب بناءً على أدلة واهية وإجراءات قانونية محدودة، مما أثار انتقادات حقوقية ودولية.
تفسير واسع للإرهاب
أشار التقرير إلى التفسير الواسع الذي تعتمده تركيا لمفهوم الإرهاب، مع انتقاد ممارساتها المثيرة للجدل في مجال مكافحة الإرهاب، حيث يرى النقاد أن هذه الممارسات غالبًا ما تستهدف المعارضين السياسيين والنشطاء السلميين. وأبرز التقرير أن القوانين التركية تُجرّم الأنشطة التي تُعتبر “جرائم ضد النظام الدستوري” أو تهديدًا لـ”الأمن الداخلي والخارجي للدولة.”
وفي إطار هذه الجهود، رصدت وزارة الداخلية التركية أكثر من مليون حساب على وسائل التواصل الاجتماعي خلال عام 2023، وأشارت إلى صلة نحو 20,000 حساب بالإرهاب، ما أدى إلى اعتقال حوالي 190 مشتبهًا بهم، منهم من اتُّهم بنشر دعاية إرهابية.
حركة كولن
تطرق التقرير أيضًا إلى استمرار تركيا في تصنيف حركة الخدمة، التي تستوحي فكر الراحل فتح الله كولن، كمنظمة إرهابية تحت اسم “منظمة فتح الله الإرهابية”، وأشار إلى أن الحكومة الأمريكية لا تعترف بالحركة كمنظمة إرهابية، مع انتقاد الحملات التركية ضد أنصار كولن، والتي غالبًا ما تفتقر إلى الأدلة الكافية، وتؤدي إلى احتجاز مطوّل وانتهاكات للحقوق القانونية.
العمليات ضد حزب العمال الكردستاني والتنظيمات الأخرى
أوضح التقرير أن تركيا كثفت عملياتها في 2023 ضد عدة تنظيمات مثل حزب العمال الكردستاني (PKK)، والجبهة الشعبية الثورية لتحرير الشعب (DHKP/C)، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). ووفقًا لمجموعة الأزمات الدولية، قُتل 51 عنصرًا من القوات الأمنية، و196 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، و11 مدنيًا في حوادث مرتبطة بالحزب خلال 2023. كما أشار التقرير إلى هجوم انتحاري نفذه حزب العمال الكردستاني في الأول من أكتوبر قرب وزارة الداخلية في أنقرة، ما أسفر عن إصابة ضابطين، وأعقب ذلك غارات جوية تركية استهدفت مواقع الحزب في شمال العراق وشمال شرق سوريا، تسببت بمقتل 10 مدنيين وإلحاق أضرار بالبنية التحتية.
وفي ديسمبر الماضي، أدت هجمات للحزب في شمال العراق إلى مقتل 12 جنديًا تركيًا.
جهود مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية
أكد التقرير أن تركيا كثفت عملياتها ضد تنظيم داعش، مشيرًا إلى أن قوات الأمن التركية احتجزت 19,317 شخصًا بين 2014 و2023 بتهمة الانتماء إلى التنظيم، ورحّلت أكثر من 7,600 أجنبي للاشتباه في كونهم مقاتلين إرهابيين أجانب. وفي عام 2023 وحده، تعاونت الاستخبارات التركية مع الشرطة لاعتقال 426 شخصًا مرتبطًا بداعش في تركيا وسوريا.
وشدد التقرير على إحباط محاولات هجمات استهدفت بعثات دبلوماسية ودور عبادة، حيث أسفرت عملية مشتركة في ديسمبر عن اعتقال 32 مشتبهًا بهم كانوا يخططون لهجمات على كنائس ومعابد وسفارة العراق في أنقرة.
النزوح والاعتقالات
ذكر التقرير أن هناك حوالي 1,220 نازحًا و200 معتقل من المواطنين الأتراك في شمال شرق سوريا بنهاية 2023. وأشار إلى أن تركيا أبدت استعدادها لمناقشة إعادة النازحين والمعتقلين الأجانب، في سياق مواجهة التحديات الإقليمية المرتبطة بالإرهاب والنزوح.
مكافحة تمويل الإرهاب
رغم التقدم الذي أحرزته تركيا في مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، أُدرجت على قائمة المتابعة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF) حتى يونيو 2023. ورغم ذلك، أشار التقرير إلى تحسن الإجراءات التركية، بما في ذلك إصدار لوائح جديدة وتكثيف التعاون بين القطاع الخاص والهيئات المعنية.
انتهاكات حقوق الإنسان
اختتم التقرير بالإشارة إلى قلق حقوقي مستمر بشأن القوانين التركية الواسعة لمكافحة الإرهاب، التي تتيح استهداف الصحفيين والنشطاء والمعارضين السياسيين، ما يثير مخاوف بشأن الحريات الأساسية في تركيا، مشددا على أهمية مواءمة تدابير مكافحة الإرهاب مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.