يبدو أن الحملة القضائية المكثفة التي تستهدف رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، لم تحقق الأثر المتوقع، بل جاءت بنتائج عكسية عززت من شعبيته بين الناخبين. فوفقًا لاستطلاع حديث أجراه “مركز البحوث حول التأثير المجتمعي” (TEAM) في 20 فبراير، ارتفعت نسبة تأييد إمام أوغلو إلى 54.1% بعد توزيع أصوات المترددين، متفوقًا بفارق واضح على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لم تتجاوز نسبة دعمه 38.6%.
تصاعد الدعم الشعبي لإمام أوغلو رغم الضغوط القضائية
يواجه إمام أوغلو سلسلة متلاحقة من التحقيقات القضائية، حيث يُستدعى للإدلاء بشهادته في قضية بينما تُفتح ضده قضايا أخرى في الوقت ذاته، فيما يبدو أنه حملة منظمة تهدف إلى تقويض موقفه السياسي. إلا أن نتائج الاستطلاع الأخير كشفت أن هذا “الحصار القضائي” لم يُضعف مكانته الجماهيرية، بل أدى إلى زيادة دعم الناخبين له، وهو ما يعكس رفضًا شعبيًا واضحًا لهذه الممارسات.
المزاج العام: تأييد واسع للانتخابات المبكرة
إلى جانب ارتفاع أسهم إمام أوغلو، أظهرت نتائج الاستطلاع تأييدًا واسعًا لإجراء انتخابات مبكرة، حيث عبّر 59% من المشاركين عن رغبتهم في الذهاب إلى صناديق الاقتراع في وقت مبكر، مقابل 34% يعارضون الفكرة، فيما بقي 7% مترددين.
كما كشفت النتائج عن توجهات الناخبين وفقًا للانتماء الحزبي:
- 87% من ناخبي حزب الشعب الجمهوري (CHP) يؤيدون الانتخابات المبكرة.
- 78% من ناخبي حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب (DEM) يرون ضرورة الإسراع في إجراء الانتخابات.
- 65% من ناخبي حزب النصر يشاركون الرأي نفسه.
- بالمقابل، لا يؤيد هذه الفكرة سوى 28% من أنصار حزب الحركة القومية (MHP)، و21% فقط من ناخبي حزب العدالة والتنمية (AKP).
نتائج الانتخابات الرئاسية المحتملة: إمام أوغلو يتقدم بوضوح
عند سؤال المشاركين عن مرشحهم في حال إجراء الانتخابات الرئاسية يوم الأحد المقبل، جاءت النتائج على النحو التالي:
- قبل توزيع أصوات المترددين: حصل إمام أوغلو على 39.9% من الأصوات، مقابل 28.4% لأردوغان.
- بعد توزيع المترددين: ارتفعت نسبة إمام أوغلو إلى 54.1%، بينما لم يتمكن أردوغان من تجاوز 38.6%.
كما أظهرت النتائج أن إمام أوغلو يحظى بدعم كبير من قواعد حزب الشعب الجمهوري وحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، إلى جانب استقطابه نسبة كبيرة من أنصار حزب النصر وحزب الجيد. أما أردوغان، فرغم حفاظه على تأييد أنصار حزب العدالة والتنمية، إلا أنه يواجه تسربًا انتخابيًا كبيرًا من أنصار حزب الحركة القومية، حيث خسر 36.3% من دعمهم.
الجولة الثانية: إمام أوغلو يعزز تقدمه
في حال الوصول إلى جولة إعادة بين إمام أوغلو وأردوغان، جاءت النتائج كالتالي:
- قبل توزيع المترددين: حصل إمام أوغلو على 45.1%، بينما حصل أردوغان على 31.9%.
- بعد توزيع المترددين: ارتفع دعم إمام أوغلو إلى 58.6%، بينما بلغ تأييد أردوغان 41.4% فقط، ما يعكس فجوة واسعة بين المرشحين في جولة الحسم.
دلالات سياسية: تغير المشهد الانتخابي وتراجع هيمنة حزب العدالة والتنمية
لم يقتصر تراجع التأييد الشعبي على الرئيس أردوغان فقط، بل امتد ليشمل حزب العدالة والتنمية (AKP) الذي يواجه انخفاضًا مستمرًا في شعبيته. ففي حال جرت الانتخابات البرلمانية الأحد المقبل، أظهرت النتائج أن حزب الشعب الجمهوري (CHP) يحتل الصدارة بنسبة 28.6%، يليه حزب العدالة والتنمية (AKP) بـ 22.4%، فيما حصل كل من حزب الحركة القومية (MHP) وحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب (DEM) على 6% لكل منهما. أما الأحزاب الأخرى، فجاء ترتيبها كالتالي:
- حزب النصر: 3.8%
- حزب الجيد: 3.1%
- حزب الرفاه الجديد: 2.4%
- حزب العمال التركي: 1.5%
- حزب “المفتاح”: 1.2%
دعم قوي لقرار الشعب الجمهوري بشأن الانتخابات التمهيدية
أما فيما يتعلق بقرار حزب الشعب الجمهوري (CHP) تنظيم انتخابات تمهيدية لاختيار مرشحيه، فقد لاقى هذا التوجه ترحيبًا واسعًا من قبل الناخبين، حيث أعرب 59% من المشاركين عن دعمهم لهذه الخطوة، مقابل 41% أبدوا تحفظاتهم.
وجاءت نسبة التأييد وفقًا للانتماء الحزبي كما يلي:
- 90% من ناخبي حزب الشعب الجمهوري يدعمون القرار.
- 80% من ناخبي حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب يؤيدونه.
- 60% من ناخبي حزب النصر يرون فيه خطوة إيجابية.
- 52% من ناخبي حزب الجيد يساندونه.
متغيرات سياسية جديدة ومؤشرات على تحولات كبرى
تشير نتائج الاستطلاع إلى أن الخريطة السياسية في تركيا تشهد تغيرات مهمة، حيث يتراجع الدعم الشعبي لأردوغان وحزب العدالة والتنمية، في مقابل تصاعد شعبية إمام أوغلو، الذي أصبح يمثل خيارًا أكثر جاذبية للناخبين في مواجهة أردوغان. كما يعكس الاستطلاع رغبة واضحة لدى غالبية المواطنين في إجراء انتخابات مبكرة، ما قد يضع السلطة الحاكمة أمام تحديات صعبة خلال الفترة المقبلة.
في ظل هذه المعطيات، تبدو تركيا مقبلة على مرحلة سياسية حاسمة قد تعيد تشكيل المشهد الانتخابي، وسط مطالب متزايدة بالإصلاحات وضغوط شعبية من أجل التغيير.