نددت تركيا بقرار أمريكي يسمح لقبرص (اليونانية) بشراء الأسلحة الأمريكية والحصول على المعدات العسكرية الفائضة، وهي خطوة تقول واشنطن إنها تهدف إلى تعزيز الاستقرار في شرق البحر المتوسط.
تحذيرات تركية من تصعيد التسلح في الجزيرة
أدانت وزارة الخارجية التركية في بيان مذكرة التبرير الأمريكية التي تتيح بيع الأسلحة لقبرص، ووصفتها بأنها “خطأ جسيم” قد يؤدي إلى زيادة التوترات الإقليمية.
وطالبت الوزارة “جميع الأطراف المعنية” بالامتناع عن اتخاذ خطوات استفزازية والتحلي بالحكمة، خاصة في ظل الأوضاع الحساسة التي تشهدها المنطقة، داعية الإدارة الأمريكية القادمة إلى التراجع عن هذا القرار الذي وصفته بـ”الخطوة الخاطئة” التي اتخذتها الإدارة المنصرفة.
موقف تركيا ودعمها لجمهورية شمال قبرص التركية
أكدت تركيا استمرار دعمها لقدرات الدفاع لجمهورية شمال قبرص التركية (KKTC)، مشددة على دورها كـ”دولة أم وضامن”.
يُذكر أن جزيرة قبرص مقسمة منذ عام 1974، عندما نفذت تركيا عملية عسكرية في الشمال ردًا على انقلاب مدعوم من اليونان، مما تمخض عن تقسيم الجزيرة إلى قسمين: جمهورية قبرص المعترف بها دوليًا في الجنوب، والمنطقة الشمالية التي تسيطر عليها تركيا. وفي عام 1983، أعلنت جمهورية شمال قبرص التركية استقلالها، لكنها لم تحظَ بالاعتراف سوى من تركيا.
تطور العلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة وقبرص
بموجب توجيهات الرئيس الأمريكي جو بايدن، أُدرجت قبرص ضمن نطاق قانون المساعدات الخارجية لعام 1961 وقانون مراقبة تصدير الأسلحة، مما أدى إلى توسيع نطاق التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة وقبرص.
يسمح هذا القرار لقبرص بشراء الأسلحة الأمريكية، والمشاركة في برامج التدريب العسكري، والانخراط في التعاون الصناعي الدفاعي. كما يتيح لها الوصول إلى برنامج المواد الدفاعية الفائضة (Excess Defense Articles)، الذي يمكّن الدول الحليفة والصديقة من الحصول على معدات عسكرية فائضة لتعزيز قدراتها الدفاعية.
علاوة على ذلك، تتيح المشاركة في برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية (Foreign Military Sales) لقبرص شراء المعدات الدفاعية مباشرة من الحكومة الأمريكية لتلبية احتياجاتها الاستراتيجية.
وبالإضافة إلى ذلك، ستساهم برامج مثل “العنوان 10” (Title 10) في تعزيز قدرات قبرص الأمنية من خلال التدريب والدعم المادي في مجالات مثل أمن الحدود البرية والبحرية.
اعتراف أمريكي بدور قبرص في الاستقرار الإقليمي
تعكس هذه الحزمة الشاملة تعميق الشراكة بين الولايات المتحدة وقبرص، حيث أصبحت واشنطن تنظر إلى جمهورية قبرص كحليف إقليمي رئيسي.
وجاء هذا التطور عقب الاجتماع التاريخي بين الرئيسين جو بايدن ونيكوس خريستودوليديس في البيت الأبيض في أكتوبر 2023، مما يشير إلى تطور العلاقات الثنائية.
ردود الفعل التركية والقبرصية التركية
أثار القرار انتقادات حادة من تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية، إذ وصفت وزارة خارجية قبرص التركية تصريح واشنطن بأن الخطوة ستساهم في تحقيق السلام العالمي بأنه “هزلي للغاية من الناحية الدبلوماسية”.
من جهته، أشار الرئيس الأمريكي في قراره التنفيذي إلى أن توفير المعدات والخدمات الدفاعية للإدارة القبرصية اليونانية “سيعزز أمن الولايات المتحدة ويساهم في السلام العالمي”.
ورحبت وزارة الخارجية القبرصية (اليونانية) بالقرار، واصفةً إياه بأنه خطوة مهمة نحو تطوير التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة.
وصرح متحدث باسم الحكومة في نيقوسيا بأن هذا التوجيه يمثل “اعترافًا واضحًا بجمهورية قبرص كركيزة أساسية للاستقرار والأمن في شرق البحر المتوسط، مع إمكانيات إضافية للمساهمة في السلام والتعامل مع التحديات الإنسانية.”
التوترات الإقليمية وخلافات حول الوضع القانوني
في المقابل، استشهدت تركيا بمعاهدة الضمان لعام 1960، التي أنشأت قبرص كدولة مستقلة ذات نظام ثنائي الطائفة، لتأكيد دورها كدولة ضامنة. ومع ذلك، أشار محللون إلى أن دعم تركيا لحل قائم على دولتين يبدو متناقضًا مع البنية الفيدرالية التي تضمنتها المعاهدة الأصلية.
وأكدت وزارة الخارجية التركية أنها ستواصل دعم جهود جمهورية شمال قبرص التركية لتعزيز قدراتها الدفاعية والردعية، مشددةً على دور تركيا كـ”دولة أم وضامن”. إلا أن هذا الموقف يثير الجدل، حيث إن وضع الضامن لتركيا يقتصر على جمهورية قبرص بموجب معاهدة 1960، ولا يشمل جمهورية شمال قبرص التركية غير المعترف بها دوليًا.